لأمر آخر ولفظ البيهقي «وصلة رحمهما التي لا رحم لك إلا من قبلهما، فقال: ما أكثر هذا وأطيبه يا رسولالله، قال: ما عمل به فإنه يصل إليهما» قال العاقولي: وفي الحديث تنبيه على اغتنام فضيلة الصلة وأنها طاعة لا يكون إدراكها إلا من جهتهما، فإنه لو فرض أن إنساناً تولد من تراب مثلاً ولم يولد له لم يكن لذلك الإنسان سبيل إلى دخول الجنة من صلة الرحم، فإنه لا رحم له، فإذا كان الوالدان سبباً في مثل هذه الطاعة وجب رعايتهما وحفظهما فيها (وإكرام صديقهما) وبمعناه حديث ابن عمر في الباب (رواه أبو داود) في الأدب، وكذا أخرجه في الأدب بنحوه.
٤٣٤٤ - (وعن عائشة رضي الله عنها قالت: ماغرت) بكسر الغين في «المصباح» : غار الرجل على امرأته غضب فيها، والمرأة على زوجها تغار من باب تعب غيراً وغيرة بالفتح وغاراً قال ابن السكيت: ولا يقال غيراً ولا غيرة بالكسر، وأغار الرجل امرأته تزوّج عليها فغارت عليه اهـ. (على أحد من نساء النبيّ) يعني ضرائرها أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (ماغرت على خديجة رضي الله عنها) وذلك لما رأت لها عنده من مزيد المكانة الدالّ عليه إكثار ذكرها والتنويه بشكرها بعد فقدها، وكانت عائشة أحبّ سائر زوجاته الموجودات معها إليه، وبينت هذا المعنى بقولها:(وما رأيتها قط) ظاهره لم يقع نظرها عليها وذلك لتقدم وفاتها على تمييز السيدة عائشة، فإنه كان سنها عند عهده بها بها ستّ سنين، وكان ذلك قبل الهجرة بسنتين، وقيل ثلاث، وقيل خمس وتوفيت السيدة خديجة قبل الهجرة بقريب من ذلك، ويحتمل أن يكون مرادها ما رأيتها عنده ضرة معي، ويعضد هذا قولها عند الشيخين «ولقد هلكت قبل أن يتزوجني بثلاث سنين» قال المصنف: أي قبل بنائه بها، أما العقد بها فكان موتها قبله بنحو سنة ونصف (ولكن) أي وجه الغيرة أنه (كان يكثر ذكرها) أي وفيه دليل المحبة، قال:» من أحب شيئاً أكثر من ذكره» (وربما ذبح الشاة ثم يقطعها) يحتمل كون الإسناد فيها حقيقة، وذلك من مزيد تواضعه وكمال فضله، فقد كان يخصف نعله ويرقع ثوبه ويكون في مهنة أهله، ويحتمل أن يكون مجازاً. أي يأمر بذلك،