للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البخاري في فضل خديجة ومسلم في الفضائل كذا في «الأطراف» للمزي. وتعقبه الحافظ في «النكت» عليه بما حاصله أن البخاري لم يقل فيه: ثنا ولا أخبرنا إسماعيل بن محمد، فلذا جزم الحميدي في جميعه بأنه ذكره تعليقاً. قال الحافظ: وقد وصله أبو عوانة عن محمد بن يحيى: ثنا إسماعيل بن خالد عن علي بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة اهـ. (استأذنت) طلبت الإذن (هالة) بتخفيف اللام (بنت خويلد) بن أسد بن عبد العزى بن قصي (أخت) أم المؤمنين (خديجة) رضي الله عنها. وهالة هذه أم العاص بن الربيع زوج السيدة زينت بنت سيدنا رسول الله، وليس لخديجة أخت غيرها اسمها هالة، قاله ابن الأثير في «أسد الغابة» (على رسول الله) متعلق باستأذنت (فعرف استئذان خديجة) أي تذكر عند استئذانها خديجة وكانت نغمتها تشبه نغمة خديجة؛ وأصل هذا أن من أحبّ محبوباً أحبّ محبوباته وما يتعلق به ويشبهه، وما أحسن ما قيل:

أحبّ من أجلكم من كان يشبهكم

حتى لقد صرت أهوى الشمس والقمرا

أمرّ بالحجر القاسي فألثمه

لأن قلبك قاس يشبه الحجرا

وقال آخر:

أشبهت عذالي فصت أحبهم

إذ صار حظي منك حظي منهم

(فارتاح لذلك) افتعال من الراحة: أي حصلت له راحة نفسانية بسماع صوت هالة لتذكره عهد خديجة. قال المصنف: أي هش لمحبتها وسر به لتذكره بها خديجة وأيامها، وفيه دليل حسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والعشير في حياته وبعد موته، وفي المطالع ارتاح أي هشّ ونشطت نفسه، وقيل حن إليها، وقيل سر بها، ومنه يرتاع للندى ويرتاح: أي يسرّ فيهش (فقال: اللهم هالة بنت خويلد) قال القرطبي: يجوز فيه الرفع خبر مبتدأ: أي هذه هالة فأكرمها، والنصب عن إضمار فعل؛ أي أكرم هالة ونحوه مما يليق بالمعنى، وهذه الأخبار فيها فضل خديجة، والصحيح أنها أفضل أمهات المؤمنين لما لها من السوابق الجليلة والأيادي الجميلة، وقد أقرأها الحق السلام على لسان جبريل الأمين، ولم ير ذلك لغير الأنبياء إلا لها وللصديق الأكبر، أما عائشة فهي أكثر علماً وأفضل مما عداها من باقي الأمهات بلا خلاف (قولهما فارتاح هو بالحاء) المهملة (وفي

<<  <  ج: ص:  >  >>