للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(قال تعالى: {وإذ قال موسى لفتاه} ) أي واذكر إذ قال موسى لفتاه يوشع بن نون بن أفراثيم بن يوسف عليهم الصلاة والسلام، فإنه كان يخدمه ويتبعه ولذا سمي فتاه وقيل لعبده {لا أبرح} لا أزال أسير فحذف الخبر لدلالة حاله وهو السفر عليه، وقوله ( {حتى بلغ مجمع البحرين} ) من حيث إنها تستدعي ذا غاية عليه، ويجوز أن يكون لا أبرح بمعنى لا أزول عما أنا عليه من السير والطلب ولا أفارقه فلا تستدعى خبراً، ومجمع البحرين ملقتى بحر فارس والروم مما يلي المشرق، وعد لقاء الخضر فيه، وقيل البحر أن موسى وخضر فإن موسى كان بحر علم الظاهر، وخضر كان بحر علم الباطن، وقرىء مجمع بكسر الميم الثانية على الشذوذ من يفعل كالمشرق والمطلع {أو أمضي حقباً} أي أسير زمناً طويلاً؛ والمعنى: حتى يقع إما بلوغ المجمع أو مضي الحقب وهو الدهر، وقيل ثمانون سنة، وقيل سبعون سنة، وكان الخضر في أيام أفرندون وكان على مقدمة ذي القرنين الأكبر وبقي إلى أيام موسى ( {فلما بلغا مجمع بينهما} ) أي مجمع البحرين، وبينهما ظرف وأضيف إليه على الاتساع أو بمعنى الوصل ( {نسيا حوتهما} ) أي نسي موسى أن يطلب حاله ويتعرفه ويوشع أن يذكر ما رأى من حياته وووقعه في البحر، وكان ذلك العلامة من الله تعالى لموسى على مكان الخضر، وكان الحوت مشوياً فوثب في ذلك المكان في البحر معجزة لموسى أو الخضر ( {فاتخذ سبيله في البحر سرباً} ) فاتخذ الحوت طريقه في البحر مسلكاً وسرباً مفعول ثان وفي البحر حال منه أو من السبيل ويجوز تعلقه باتخذ ( {فلما جاوزا} ) مجمع البحرين ( {قال لفتاه آتنا غداءنا} ) أي ما نتغذى به ( {لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً} ) قيل لم ينصب حتى جاوز الموعد فلما جاوزه وسأل الليلة والغد إلى الظهر ألقي عليه الجوع والنصب، وقيل لم يعي موسى في سفر غيره ويؤيده التقييد باسم الإشارة ( {قال: أرأيت إذ أوينا} ) أي أرأيت ما دهاني إذ أوينا ( {إلى الصخرة} ) يعني التي وعد عندها موسى بلقاء الخضر

( {فإني نسيت الحوت} ) أي فقدته أو نسيت ذكره بما رأيت منه ( {وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره} ) أي وما أنساني ذكره إلا الشيطان فإن أذكره بدل من مفعول أنساني، وهو اعتذار عن نسيانه لشغل الشيطان له بوسواسه، والحال وإن كانت عجيبة لا ينسى مثلها لكنه لما جرت بمشاهدة أمثالها عن موسى وألفها قل اهتمامه بها، ولعله نسي ذلك لاستغراقه

<<  <  ج: ص:  >  >>