(وهم فقراؤهم وصعاليكهم ومن لا يعرف عينه من أخلاطهم) قال القرطبي: والغبراء الأرض، يقال:«الفقراء بنو الغبراء» كأن الفقر ألصقهم بها، قال القرطبي: وقد روى غبَّر بضم الغين وتشديد الموحدة جمع غابر كشاهد وشهد، ويعني به بقايا الناس ومتأخريهم، وهم ضعفاء الناس لأن وجوه الناس يتقدمون للأمور ويصحبون بها ويتقاضون فيها، ويبقى الضعفاء لا يلتفت إليهم ولا يؤبه بهم، فأراد أويس أن يكون خاملاً بحيث لا يلتفت إليه. طالباً للسلامة وظافراً بالغنيمة اهـ. والمعنى الأول يئول إلى هذا أيضاً. والصعاليك بمهملتين أوله، جمع صعلوك بضم الصاد المهملة: الفقير كما في «الصحاح» ، وقوله من لا يعرف عينه: أي لخموله وعدم ظهوره (والأمداد جمع مدد) بفتح أوّليه (وهم الأعوان والناصرون الذين كانوا يمدون) من الإمداد: أي اتصال المدد (المسلمين في الجهاد) وقضية ترتيب المتن تقديم بيان الأمداد على ما قبله لأنه كذلك فيه.
(فائدة) قال القرطبي: كان أويس من أولياء الله المخلصين المخففين الذين لا يؤبه بهم، ولولا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخبر عنه ووصفه بوصفه ونعته بنعته وعلامته لما عرفه أحد، وكان موجوداً في حياة النبي وآمن به وصدقه ولم يلقه ولا كاتبه، فلم يعدّ من الصحابة، وقد أخبر النبيّ أنه من التابعين حيث قال:«إنه خير التابعين» وقد اختلف في زمن وفاته، فروي عن عبد الله بن مسلم قال:«عزونا أذربيجان زمن عمر بن الخطاب ومعنا أويس القرني، فلما رجعنا مرض علينا فحملناه فلم يستمسك فمات، فنزلنا فإذا قبر محفور وماء مسكوب وكفن وحنطوط، فغسلناه وكفناه وصلينا عليه ودفناه، فقال بعضنا لبعض: لو رجعنا فعلمنا قبره فإذا لا قبر ولا أثر» وروي عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: نادى رجل من الشام يوم صفين: أفيكم أويس القرني؟ قلنا نعم، قال: إني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:«أويس خير التابعين بإحسان» وعطف دابته فدخل مع أصحاب عليّ قال عبد الرحمن: فوجد في قتلى أصحاب عليّ. وله أخبار كثيرة وكرامات ظاهرة ذكرها أبو نعيم وأبو الفرج بن الجوزي في كتابيهما اهـ كلام القرطبي. وقد أفرد بعض فضلاء زبيد بعضها جزءاً في مناقبه وقفت عليه وهو حسن.
١٤٣٧٣ - (وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: استأذنت النبي في العمرة) فيه