للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(قال الله تعالى) : ( {محمد رسول الله} ) جملة مبنية للمشهود به في الآية قبلها، ويجوز أن يكون رسول الله صفة ومحمد خبر محذوف أو مبتدأ ( {والذين معه} ) معطوف عليه وخبرهما ( {أشداء على الكفار رحماء بينهم} ) وأشداء جمع شديد ورحماء جمع رحيم، والمعنى: أنهم يغلظون على من خالف دينهم ويتزاحمون فيما بينهم كقوله تعالى: {أذلة على المؤمنين أعزّة على الكافرين} (الحشر: ٩) ( {تراهم ركعاً سجداً} ) لأنهم مشتغلون بالصلاة أكثر أوقاتهم ( {يبتغون فضلاً من الله ورضواناً} ) الثواب والرضى ( {سيماهم في وجوههم من أثر السجود} ) يريد السمة التي تحدث في جباهم من كثرة السجود فعلاً، من سامه إذا علمه، وقد قرئت ممدودة، و {من أثر السجود} بيانها، أو حال من المستكن في الجار (ذلك) إشارة إلى الوصف المذكور، أو إشارة مبهمة يفسرها «كزرع» ( {مثلهم في التوراة} ) صفتهم العجيبة الشأن المذكورة فيها ( {ومثلهم في الإنجيل} ) عطف عليه: أي ذلك مثلهم في الكتابين. ثم التوراة والإنجيل اسمان أعجميان. قال البيضاوي: ومن زعم عربيتهما واشتقاقهما فهو متكلف، وقوله ( {كزرع} ) تمثيل مستأنف أو تفسر، ومثلهم في الإنجيل مبتدأ وكزرع خبره ( {أخرج شطأه} ) أي فراخه، يقال اشتطأ الزرع: إذا فرخ ( {فآزره} ) فقواه من المؤازرة بمعنى المعاونة، أو من الإيزار وهو الإعانة ( {فاستغلظ} ) فصار من الرقة إلى الغلظ ( {فاستوى على سوقه} ) فاستقام على قصبه جمع ساق ( {يعجب الزراع} ) بكثافته وقوته وغلظه وحسن منظره، وهو مثل ضربه الله للصحابة قلوا في بدء الإسلام ثم كثروا واستحكموا فترقى أمرهم بحيث أعجب الناس ( {ليغيظ بهم الكفار} ) علة لتشبيهم بالزرع في زكاته واستحكامه، أو لقوله ( {وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجراً عظيماً} ) فإن الكفار لما سمعوه غاظهم ذلك، ومنهم للبيان. ولما قال المصنف (إلى آخر السورة) تكلمنا على خاتمتها بجملتها.

(وقال الله تعالى) : ( {والذين تبوءوا الدار والإيمان} ) عطف على المهاجرين، والمراد بهم الأنصار فإنهم لزموا المدينة والإيمان وتمكنوا فيهما، وقيل المعنى: تبوءوا دار الهجرة ودار الإيمان فحذف المضاف من الثاني والمضاف إليه من الأول وعوض عنه اللام، أو تبوءوا الدار وأخلصوا الإيمان كقوله:

<<  <  ج: ص:  >  >>