للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ورسوله} ثم هدد على ذلك وتوعد بقوله: {فتربصوا} قال المصنف: إنما قال مما سواهما ولم يقل ممن ليعم من يعقل ومن لا يعقل. وفيه دليل على أنه لا بأس بهذه التثنية. وأما قوله للذي خطب فقال: «ومن يعصهما، فقال: بئس خطيب القوم أنت» فليس من هذا، لأن المراد في الخطب الإيضاح، وأما هنا فالمراد الإيجاز في اللفظ ليحفظ، وثم أجوبة أخرى قال الحافظ في «الفتح» : من محاسنها أن تثنية الضمير هنا إيماء إلى أن المعتبر المجموع المركب من الجهتين لا كل واحدة منهما فإنها وحدها لاغية إذا لم ترتبط بالأخرى، وأما أمر الخطيب بالإفراد فلان كلاً من العصيان مستقل باستلزام الغواية إذ العطف في تقدير التكرير والأصل استقلال كل من المعطوفين في الحكم ويشير إليه قوله تعالى: {وأطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم} (النساء: ٥٩) فأعاد أطيعوا في الرسول دون أولي الأمر لأنهم لا استقلال في الطاعات كاستقلال الرسول اهـ. ملخصاً من كلام البيضاوي والطيبي (وأن يحبّ المرء لا يحبه إلا) قال يحيى بن معاذ: حقيقة الحبّ في الله أن لا يزيد بالبرّ ولا ينقص بالجفاء (وأن يكره أن يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه) الإنقاذ أعم من العصمة منه ابتداء بأن يولد على الفطرة ويستمرّ، أو بالإخراج من ظلمة الكفر إلى نور الإيمان كما وقع لكثير من الصحابة، وعلى الأول فيحمل قوله يعود على معنى الصيرورة بخلاف الثاني فإن العود فيه على ظاهره، وعدى العود بفي دون إلى لتضمنه معنى الاستقرار كأنه قيل ويستقر فيه، ومثله قوله تعالى: {وما يكون لنا أن نعود فيها} (الأعراف: ٨٩) (كما يكره أن يقذف في النار) الكاف في محل المفعول المطلق واستدل به على فضل من أكره على الكفر فصبر وترك التقية حتى قتل. قال الحافظ: وأخرجه البخاري في الأدب في فضل الحب في الله بلفظ «وحتى أن يقذف في النار أحبّ إليه من أن يرجع إلى الكفر

بعد أن أنقذه الله تعالى منه» وهو أبلغ من لفظ حديث الباب لأنه سوى فيه بين الأمرين، وهنا جعل الوقوع في نار الدنيا أولى من الكفر الذي أنقذه الله بالخروج منه من نار الآخرة (متفق عليه) ورواه أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه قال المصنف: هو حديث عظيم من أصول الدين.

<<  <  ج: ص:  >  >>