وقال آخرون: وهم فيه أبو حازم، قال: وذا كله تخرّص. وقد روي عن أبي إدريس من وجوه شتى غير طريق أبي حازم أنه لقى معاذاً وسمع منه فلا شيء في ذلك على مالك ولا على أبي حازم اهـ. قلت: وحديث أبي مسلم عن معاذ رواه ابن حبان في صحيحه بنحو حديث أبي إدريس (فلما كان) أي حصل (من الغد هجرت) أي إلى المسجد (فوجدته قد سبقني بالتهجير) لمسارعته إلى طريق البر واهتمامه به (ووجدته يصلي) نافلة (فانتظرته حتى قضى صلاته، ثم جئته من قبل وجهه) فيه تنبيه على أن الأدب لمن ورد على مشغول با تعالى أن لا يشغله ويلهيه عما هو فيه، فقد ورد «من أشغل مشغولاً با أدركه المقت في الوقت» وفيه أن الأدب قصد الإنسان من قبل وجهه كما يستحب الدخول إلى البيت من باب السلام لأنه من جهة وجه البيت (فسلمت عليه ثم قلت: وا إني لأحبك) القسم للتأكيد وكأنه طلباً لإقباله عليه (فقال آ) بهمزة الاستفهام الممدودة المعوض بها عن حرف القسم فلذا وجب جر ما بعدها (قال) أبو إدريس (ا) ضبطه المصنف بالهمزة المقصورة، وهو مجرور لنيابة الهمزة مناب حرف القسم (فقال) أي تأكيداً للقسم (ا، فقلتالله، فأخذ بحبوة ردائي) يحتمل أن تكون الإضافة بيانية، ويحتمل أن تكون بمعنى اللام والحبوة من الاحتباء (فجبذني إليه) قال في «النهاية» : الجبذ لغة في الجذب، وقيل هو مقلوب منه، وفي «المصباح» : جبذه جبذاً من باب ضرب مثل جذبه، قيل مقلوب منه لغة تميمية، وأنكره ابن السراج وقال: ليس أحدهما ماخوذاً من الآخر لأن كل واحد يتصرف في نفسه (فقال أبشر) بقطع الهمزة وكسر الشين، ويجوز وصل الهمزة وفتح الشين وضمها، قال في «المصباح» بشر بكذا يبشر من باب فرح وزناً ومعنى وهو الاستبشار أيضاً. ويقال بشرته أبشره من باب قتل في لغة تهامة، وتكون البشرى في الخبر السار واستعمالها في الشرّ قليل للتهكم اهـ. وحذف المبشر به لدلالة الحديث عليه وهو قوله:(فإني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: قال الله
تبارك وتعالى: وجبت محبتي) من الوجوب وهو الثبوت: أي ذلك كائن لا محالة (للمتحابين فيّ) أي من أجلي لا لعرض ولا لغرض (والمتجالسين فيّ