انتقامه (لضحكتم قليلاً) خوفاً من سطوة المولى سبحانه (ولبكيتم كثيراً) كذلك، وفي قوله قليلاً أولاً وكثيراً ثانياً إيماء إلى أن المطلوب من العبد أن لا ينتهي به الخوف إلى اليأس والقنوط بل يكون عنده بعض الرجاء فيعمل معه البر ويكون عنده من الخوف ما ينزجر به عن المخالفة، ويكون تارة في مظهر الجمال وتارة في مظهر الجلال (وما تلذذتم بالنساء على الفرش) أي لشدة ما كان يحصل لكم من الوجل (ولخرجتم إلى الصعدات) أي الطرقات (تجأرون) بسكون الجيم وبعدها همزة مفتوحة: أي ترفعون أصواتكم بالاستغاثة إلى الله تعالى، والجملة في موضع الحال: أي رافعي أصواتكم متضرّعين (إلى الله تعالى. رواه الترمذي وقال حديث حسن) قال ابن أَقَبْرَس: أخرجه مرفوعاً، وأخرجه أيضاً في الزهد، ويروى عن أبي ذرّ موقوفاً، وأخرجه ابن ماجه اهـ. وكذا ذكر السيوطي في تخريج الشفاء أن ابن ماجه أخرجه أيضاً (وأطت بفتح الهمزة وتشديد الطاء) المهملة (وتئطّ بفتح التاء) أي الفوقية (وبعدها همزة مكسورة) مكتوبة بصورة الياء على القاعدة (والأطيط) بفتح الهمزة وكسر الطاء الأولى (صوت الرجل) بالحاء المهملة هو ما يشد على البعير ويوضع عليه الحمل ويسمى بالكور. قال في «النهاية» : وقد تكرر ذكر الرجل مفرداً وجمعاً وهو له كالسرج للفرس اهـ. (والقتب) بفتح القاف والفوقية وبالموحدة قال في «المصباح» القتب للبعير جمعه أقتاب كسبب وأسباب وعليه فيكون من عطف الرديف (وشبههما) من ذي الصوت (ومعناه) أي معنى هذا الكلام (أن كثرة من في السماء من الملائكة العابدين قد أثقلها حتى أطت) أي حصل الصوت منها كما يحصل من الرجل إذا ركب عليه، أجرى المصنف الكلام على ظاهره. قال ابن الأثير في «النهاية» : وهذا مثل وإيذان بكثرة الملائكة، وإن لم يكن ثم أطيط إنما هو كلام تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالى. زاد الدلجى بعد
حكايته قوله فأفرغ هذا الكلام في قالب الاستعارة التمثيلية تقريباً وتقريراً لعظمة الله تعالى. وقال ابن أقبرس: وهذا عندي على طريق الاستعارة بالكناية، شبهت السماء بذي الصوت من الإبل، ثم ذكر شيئاً من لوازم الإبل والأقتاب المركوب عليها وهو الصوت المعبر عنه بقوله أطت لينتقل الذهن منه إليه، وأنت خبير بما بين الكلامين يعني كلامه وكلام «النهاية» من الحسن اهـ. وما ذكره من أن الاستعارة المكنية لفظ المشبه به مراداً به المشبه مذهب