الحمل على الإرادة فيكون من صفات الذات، والآخر الحمل على فعل الإكرام فيكون من صفات الفعل، كالرحمة فإنها في اللغة مشتقة من الرحم، وحاصلها رقة طبيعية وميل جبلي، وهذا مستحيل من الباري سبحانه، فمنهم من يحملها على إرادة الخير، ومنهم من يحملها على فعل الخير، ثم بعد ذلك يتعين أحد التأويلين في بعض السياقات لمانع يمنع من الآخر. مثالها ههنا فيتعين تأويلها بفعل الخير لتكون صفة فعل فتكون حادثة عند الأشعري، فيتسلط الخلق عليها ولا يصح تأويلها هنا بالإرادة لأنها من صفات الذات فتكون قديمة فيمتنع تعلق الخلق بها ويتعين تأويلها بالإرادة في قوله تعالى:{لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم}(هود: ٤٣) لأنك لو حملتها على الفعل لكانت العصمة بعينها فيكون استثناء الشيء من نفسه، وكأنك قلت: لا عاصم إلا العاصم، فتكون الرحمة الإرادة به والعصمة على بابها لفعل المنع من المكروهات كأنه قيل: لا يمتنع من المحذور إلا من أراد الله له السلامة اهـ. هذا، وقد جاء في رواية مسلم «كل رحمة طباق ما بين السماء والأرض»(فأمسك عنده تسعة وتسعين) جزءاً، في رواية «وأنه أخر عنده تسعة وتسعين رحمة»(وأنزل في الأرض جزءاً واحداً) وفي رواية «وأرسل في خلقه كلهم رحمة واحدة»(فمن ذلك الجزء) من يحتمل أن تكون تعليلية، وأن تكون بمعنى الباء أو الابتداء أو التبعيض (يتراحم الخلائق) في رواية «فبها يتعاطفون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على ولدها»(حتى ترفع الدابة حافرها) هو للفرس وللحمار بمنزل الظلف من البقر والخف من الجمل (عن ولدها خشية) مفعول له (أن تصيبه) وخص ذو الحافر بالذكر، قال ابن أبي جمرة:
لأنه أشد الحيوان المألوف الذي يرى المخاطبون حركته مع ولده، ولما في الفرس من الخفة والسرعة في التنقل ومع ذلك تتجنب أن يصل الضرر منها إلى ولدها (وفي رواية) أي لهما من حديث أبي هريرة كما يقتضيه قول المصنف بعد «متفق عليه» ولكن رأيته في باب التوبة من مسلم ولم أره في أبواب الأدب من البخاري (إن تعالى مائة رحمة أنزل منها رحمة واحدة بين الجن والإنس) الظرف محتمل الحالية لوصف النكرة، والوصفية لنكارتها (والبهائم) جمع بهيمة قال البيضاوي: والبهيمة كل حي لا يميز، وقيل كل ذات أربع، قال القرطبي: سمي بهذا لأنه بهم عن أن يبين، قال الراغب: البهيمة ما لا نطق له من الحيوان ثم خص في التعارف بما عدا السباع والطير، ثم