قوله له (قال أنا نبي) وكذا قال المصنف في «شرح مسلم» قال ما ولم يقل من لأنه سأله عن صفته لا عن ذاته وما لصفات من يعقل اهـ. (فقلت وما نبي؟) أي ما حقيقة النبي المميزة له عن سواه (قال أرسلني ا) أي أرسل الله إياي (قلت: بأي شيء أرسلك؟) لما عمم النبيّ بحذف معمول أرسل استهفمه عمرو عنه وسأل بيانه (فقال أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد ا) بالمضارع المبني للمفعول وكذا في قوله (لا يشرك) بالرفع ونائب فاعله شي من قوله (به شيء) قال المصنف: هذا فيه دلالة ظاهرة على الحث عل صلة الأرحام لأن الله تعالى قرنها بالتوحيد ولم يذكر له جزئيات الأمور وإنما ذكر مهمها وبدأ بالصلة. فإن قلت: ما الحكمة في أنه أتى بالمصدر في الأولين وبأن والفعل في الثالث. قلت: الإشارة إلى تجديد ذلك الثالث كل آن ذكرا بقول لا إله إلاالله، فقد ورد الأمر بالإكثار منها مع ما فيه من التفنن فجمع التعبير المورث للكلام نظرية وتحسيناً (قلت: فمن معك على هذا؟ قال: حر وعبد ومعه يومئذٍ) المراد باليوم فيه مطلق الحين أي حينئذٍ (أبو بكر وبلال رضي الله عنهما) وكان الاقتصار عليهما مع تقدم إسلام خديجة على إسلامهما إذ هي أول الناس إسلاماً وإسلام على أيضاً قيل إنه أسلم قبل الصديق وإن كان الراجح خلافه لأنهما كاملان في الرجولية والبلوغ فقد كان على حينئذٍ صبياً (فقلت: إني متبعك) أي على إظهار الإسلام هنا وإقامتي معك (قال: إنك لن تستطيع ذلك يومك هذا) أي في هذا الزمن الحاضر وذلك لضعف شوكة الإسلام فيخاف عليك من أذى كفار قريش (ولكن ارجع إلى أهلك) قال القاضي عياض: ليس معناه أنه رده دون إسلام وإنما رده عن صحبته واتباعه لأنه كان في أوّل الإسلام وقبل قوته فخاف عليه لغربته أن تهلكه قريش أو تفتنه اهـ. وحينئذٍ فتقدير الكلام كما أشار إليه المصنف، لكن قد حصل أجرك فابق على إسلامك وارجع إلى قومك واستمرّ على إسلامك حتى تعلمني ظهرت. (فإذا سمعت بي قد ظهرت فأتنى) فيه معجزة للنبي هي إعلامه بأنه سيظهر فكان كما أخبر (فذهبت) أي رجعت (إلى أهلي وقدم) بكسر الدال (رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة) منصوب على التوسع كدخلت المسجد أو على حذف الجار (وكنت في أهلي) أي مقيماً فيهم (فجعلت) من أفعال