صلّ الصبح ثم اقصر) بضم الصاد أي اقعد (عن الصلاة) أي النفل المطلق الذي لا سبب له أو له سبب متأخر (حتى تطلع الشمس حتى ترتفع) يحتمل أن يكون بدلاً مما قبله ويحتمل أن يكون غاية بعد غاية لتحريم النفل المذكور قال المصنف: فيه أن النهي عن الصلاة بعد الصبح لا يرتفع بنفس الطلوع بل لا بد من الارتفاع والمراد ارتفاعها كرمح في رأي العين ثم النافلة تحرم من صلاة الصبح إلى ارتفاعها على من صلى الصبح، أما من لم يصلها فلا تحرم عليه إلا من طلوع الشمس لا قبل، إلى الغاية المذكورة (فإنها) أي الشمس (تطلع) بضم اللام (حين تطلع) أي وقت طلوعها (بين قرني شيطان) سيأتي بيان معناه وتنكير شيطان لتحقيره، وقرناه: ناحيتا رأسه، قال المصنف: وسمي شيطاناً لتمرده وعتوه وكل ما رد عات شيطان، والأظهر أنه مشتق من شطن إذا بعد لبعده من الخير والرحمة، وقيل من شاط إذا هلك واحترق: أي فالمصلي حينئذٍ كالساجد للشيطان (وحينئذٍ يسجد لها الكفار) أي وحين تطلع بين قرنيه، قال القاضي عياض: هذا يدل على صحة تأويل من جعله على ظاهره وأن الشيطان يفعل ذلك ويتطاول لها ليخادع نفسه أن السجود له (ثم صل) أي ما شئت من النفل (فإن الصلاة مشهودة محضورة) أي يحضرها الملائكة فهي أقرب إلى القبول وحصول الرحمة. قال في «فتح الإله» : أي تحضرها ملائكة النهار لتكتبها وتشهد بها لمن صلاها فهي بمعنى رواية مشهودة مكتوبة خلافاً لمن زعم أن بينهما فرقا أو أن هذه أحسن (حتى يستقل) من القلة لا من الإقلال الذي هو الارتفاع وهو غاية لقوله صلّ (الظل بالرمح) المغروس بالأرض هذا من باب القلب كطينت الطين بالقصر وعرضت الناقة على الحوض أي حتى يستقل الرمح بالظل أي يبلغ ظله أدنى غاية النقص ففيه محسن القلب من المبالغة المتولدة عنه لإفادة كون الرمح صار بمنزلة الظل في القلة، والظل صار بمنزلة الرمح في عدم وجود شيء في الأرض إلا بمقدار مركزه وذلك لأن ظل الشاخص يكون أوّل النهار طويلاً إلى جهة المغرب، ثم ما زاد يتناقص إلى أن يصل إلى غايته وذلك وقت الاستواء أو يزول بميل الشمس إلى ناحية المغرب وتحول الظل إلى جهة الشرق وهذا هو وقت الزوال الذي به يدخل وقت الظهر ويزول وقت النهي، والظل الموجود عند الاستواء يسمى ظل الزوال لوجوده في أكثر البلاد قبل ظهور الزيادة. وأقول لا يحتاج إل هذا التكلف لأن الباء للإلصاق، والرمح كناية عن الشاخص والتقدير