لتأكيد القلة، ويحتمل أن تكون موصوفة ولفظ قليل هو الخبر وهم المبتدأ والتقدير: وهم قليل وقدم الخبر اهتماماً بمضمونه كما يؤذن به تأكيده، ففيه التحريض على الإنفاق لأصحاب الأموال ليندرج في القليل الذي هو الجليل وا الموفق (ثم قال لي مكانك) بالنصب: أي الزمه وقوله (لا تبرح) تأكيد له ودفع لتوهم أن الأمر بلزوم المكان ليس عاماً في الأزمنة (حتى آتيك) غاية للزوم المكان المذكور (ثم انطلق في سواد الليل حتى توارى) فيه إشعار بأن القمر كان قد غلب حتى توارى: أي غاب شخصه. قلت: ويحتمل أن يكون التواري بسبب زيادة البعد حتى خفي عن البصر سيما ونور القمر يغيب فيه الشخص عن العين في بعد لا يتوارى عنها في مثله في الشمس لضعف ضوئه (فسمعت صوتاً قد ارتفع) في رواية لغطاً وهو اختلاط الأصوات (فتخوفت أن يكون) أي من أن يكون (أحد قد عرض) أي تعرض بسوء (للنبي فأردت أن آتيه) أي أتوجه إليه كما جاء في رواية أن أذهب: أي إليه ولم يرد أن يتوجه لحال سبيله بدليل رواية الباب (فذكرت قوله لا تبرح فلم أبرح حتى أتاني) في رواية فانتظرته حتى جاء، وفي الحديث الوقوف عند أمره ولزوم طاعته قال في «الفتح» : ففيه أن امتثال أمر الكبير والوقوف عنده أولى من ارتكاب ما يخالفه بالرأي ولو كان فيما يقتضيه الرأي توهم دفع مفسدة حتى يتحقق ذلك فيكون دفعها أولى اهـ. (فقلت) جاء في رواية للبخاري زيادة يا رسول الله (لقد سمعت صوتاً تخوفت منه) اللام هي المؤذنة بالقسم المقدر الداعي إليه تأكيد مقام الإخبار (فذكرت......
له) المفعول محذوف: أي ما سمعت وقد جاء مصرحاً به في بعض رواياته بلفظ فذكرت له الذي سمعت (فقال: وهل سمعته) المعطوف عليه محذوف أي أتذكر ذلك وهل سمعته، ومفعول سمع محذوف لدلالة ما قبله: أي وهل سمعت صوتاً؟ وظاهر أن الاستفهام للتثبت والتقرير لتقدم إخباره بالسماع فجوز أن يكون التبس عليه صوت نحو ريح حينئذٍ بصوت متكلم فقال ذلك ذلك (قلت نعم) أي من غير تردد (قال ذاك) أي الذي كنت أخاطبه (جبريل) أو ذلك الصوت الذي سمعته صوت جبريل ففيه على الثاني مضاف مقدر (أتاني فقال: من مات من أمتك لا يشرك با شيئاً)