للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد الذهاب) أي العود (إلى أهله) فإن شأنه ألا يستكثر من المتاع لأن ذلك يتعبه في مقصده ويثقله عن مطلبه، بخلاف من أضرب عن العود فذلك لا يحتفل بأم السفر، فالحازم لا يتخذ من الدنيا ما يثقله في سفره إلى مولاه، والغافل عن ذلك معرض عن آخرته مقبل على زهرة دنياه، وهذا راجع لمجموع الحديث وذلك لأنه إذا كان المسافر المذكور، وإن كان يقيم بتلك البلاد شأنه الإعراض عما يثقله في سفره، فالعابر بها من غير إقامة أولى بذلك والله أعلم.......

١٦٤٧١ - (وعن أبي العباس) بتشديد الموحدة وبعد الألف مهملة (سهل بن سعد الساعدي) تقدمت ترجمته (رضي الله عنه) في باب الدلالة على الخير (قال: جاء رجل) لم أقف على تسميته (إلى النبي) أي جاء ساعياً إليه (فقال: يا رسول الله دلني) سؤال من الدلالة أي نبهني (على عمل) التنوين فيه للتعظيم وعظمه إنما هو بحسب ثمرته كما يومىء إليه قوله (إذا عملته) أي مريداً به وجه الله (أحبني ا) بإرادة الثواب (وأحبني الناس) أي مالوا إليّ ميلاً طبيعياً لا يدخل تحت الاختيار، والجملة الشرطية صفة عمل (فقال: ازهد في الدنيا) أي أعرض عما لا تدعو إليه الضرورة مما زاد عنها من المباح احتقاراً له وإرباء بنفسك عنها بغضاً له، فحبّ الدنيا رأس كل خطيئة، والزهد عزوب النفس عن الدنيا مع القدرة عليها لأجل الآخرة خوفاً من النار وطمعاً في الجنة أو ترفعاً عن الالتفات إلى ما سوى الله تعالى، ولا يكون ذلك إلا بعد انشراح الصدر بنور اليقين (يحبك ا) جواب الشرط المقدر لوقوعه جواب الأمر كما هو الرواية، ويجوز من حيث الصناعة أن يكون مستأنفاً، وفيه إيماء إلى شرف الزهد لعظم ثمرته التي هي محبة المولى، ثم المراد من كون حبها مذموماً حبها كذلك إيثاراً لشهوة نفس ونجوها لأنه يشتغل عن الحق سبحانه، أما حبها لفعل الخير وإعانة محتاج وإغاثة ملهوف وإطعام بائس فعبادة بشهادة قوله: «نعم المال الصالح مع الرجل الصالح، يصل به رحماً ويصنع به معروفاً» (وازهد فيما عند الناس) من

<<  <  ج: ص:  >  >>