وأصوله؟ وقد تمضي على الطالب السنون وهو متشتت لا يدري لماذا لم يُحَصِّل من الفقه إلا القليل؟ رغم بقاءه والتحاقه في حلقات ودورات فقهية كثيرة، ولماذا لا يستطيع تصور مسائل المتون الفقهية كما أرادها مؤلفوها؟ لماذا لم يضبط المذهب رغم حفظه لبعض متونه؟ لماذا ولماذا ولماذا؟ أسئلة يجدها طالب العلم الحنبلي المجد ملحة عليه، إلى متى أسير ولم أقطع شيئاً يذكر؟
أخي في الله دعني أشاركك في هذا الْهَمِّ، أخي طالب العلم الحنبلي: إن الحياة طويلة ولكن تنبه أنها تقصر من حيث لا تشعر، تنبه أنك تسير إلى نهايتك، لا تَقُل أنا في ريعان شبابي، سأهمل، أو سأتمهل، فعمري لم يمض منه إلا القليل، وما أدراك أن ما مضى هو القليل، بل قد يكون هو الكثير، والباقي هو القليل، أخي طالب العلم إنك إن شَمَّرْتَ عن ساعد الجد وأنت صغير وحصَّلت وتفقهت ومضيت وسرت على ما أنت عليه وفيه فستكون - بإذن الله- عالم المسلمين، نعم عالم المسلمين الذي قد يحفظ الله به دينها وفقهها، نعم عالم المسلمين الذي يحتاجه الناس.
أخي طالب العلم سأذكر لك منهجاً عملياً لدراسة مذهب الحنابلة المتأخرين فقهه وأدلته وأصوله وقواعده وفروقه وأشباهه، وسأذكر أيضاً شيئاً من النتف والفوائد خلال ذلك، وسأتطرق كذلك إلى تحقيق المذهب عند المتأخرين.
وسميت هذا المنهج بـ:(مدارج تفقه الحنبلي).
وقد كتبت هذا المنهج للمبتدئين أمثالي، وقد يستفيد منه المنتهون، وذلك لما رأيت من ذهاب وقت طويل على طالب العلم الذي لا يسير على منهج واضح ومحدد، منهجٍ له بدايةٌ يبتدئ الطالبُ منها، ونهايةٌ يحرصُ على الوصولِ إليها، والحصول عليها.
وقد أكثرت في هذا المنهج من ذكرِ الأمثلة للتوثيق، ولكي يتدرب الطالب عليها، ويستخرج أمثالها بنفسه، وليس كل ما في هذا المنهج صالحاً لكل طالب مبتدئ، فلا يصلح للمبتدئ في هذا المنهج إلا المرحلة الأولى وما