للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

يتعلق بها، ولذا فأنا أنصح الطالب المبتدئ بأن لا يقرأ المرحلة الثانية الآن، بل يقتصر على قراءة المرحلة الأولى فقط؛ حتى ينتهي منها أو أكثرها؛ ثم يقرأ المرحلة الثانية وما يتعلق بها، وإنما قلت ذلك حتى لا يشوش الطالب على ذهنه، خاصة أنني قد ذكرت في المرحلة الثانية أمورا تحتاج لوقوف طويل حتى يفهمها الطالب ويستوعبها.

أخي طالب العلم: اعلم أن مؤسس ومصحح ومنقح مذهب الحنابلة المتأخرين هو الإمام علي بن سليمان المرداوي (ت ٨٨٥ هـ) -رحمه الله تعالى- وذلك في علمي أصول الفقه وفروعه، وكلُّ الحنابلة المتأخرين إنما يُعَوِّلُونَ في ترجيح المذهب عليه، ويرجعون في التصحيح إليه، وقد انتهج - رحمه الله - منهجاً بديعاً، وأسلوباً فريداً في كيفية تناول ودراسة المسائل الفقهية؛ بَيَّنَه في مقدمة كتابه ... " التنقيح المشبع في تحرير أحكام المقنع "، وهذا المنهج هو الذي اخترتُه واعتمدتُه هنا لدراسة متون الفقه مع الشرح والبيان والتمثيل، وأضفت إليه ما لا يقل أهمية عما ذكره - رحمه الله - مع المرور على كل كتب المذهب المعتمدة، ودراستها بنفس ذلك المنهج.

ومن أهم فوائد هذا المنهج: فهمُ المسائل الفقهية على ما أراده فقهاءُ الحنابلة - رحمهم الله تعالى- مع الضبط والإتقان لها الذي لا يقِلُّ أهميةً عن فهمها، حتى تتكوَّن عند الطالبِ ملكةٌ فقهية يبنيها بنفسه بعد الاطلاع المتكرر للمسائل في أكثر من كتاب، وبأكثر من طريقة، وكم وُجِدَ مَنْ عنده فهمٌ، أو قادر على الفهم الصحيح؛ لكن ليس عنده ضبط للمسائل ولا إتقان، غير قادر على التفريق بين المسائل المتشابهة، أو غير قادر على الربط بينها، أو غير قادر على معرفة نظائرها وأشباهها.

وكم استكثر بعضُ الناس تكرارَ النظرِ في المسائل في أكثر من كتاب، وقال: هذا ضياع وقت؛ أن ينظر الطالب المسائل نفسها في أكثر من كتاب.

وأنا أقول: هب أنك فهمت المسألة من أول قراءة لها في أول كتاب، فهل يُتَصَوَّرُ أن يكون هذا الفهمُ هو نفسُهُ فقط الذي سيكون مع نظرها في كتاب آخر، بل سيزداد هذا الفهمُ وضوحاً، وسيجد الناظرُ تصوراً جديداً، وقيوداً واستثناءات، قد لا تكون موجودة في أول كتاب، بل ولا في ثاني

<<  <   >  >>