للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الله تعالى خلقها لينتفع هو بها، تعالى عن ذلك علواً كبيراً، لأنه لا تلحقه المنافع، ولا المضار، أو يكون خلقها ليضر بها خلقه، فذلك قبيح، لأنه لم يكن في حال خلقه إياها من يستحق العقاب، فثبت أنه خلقها لنفع خلقه.

فإن قيل: يحتمل أن يكون خلقها ليمتحن بها عباده بالكف عنها ويثيبهم على ذلك، أو يكون خلقها ليستدل بها على خالقها.

والجواب: أنه لو خلقها للامتحان لنصب على ذلك دليلاً يبين لهم ذلك، ولأن الامتحان عندهم بالشرع، وكلامنا فيما قبله.

وأما قولهم: أنه خلقها للاعتبار، فلا يصح لوجوه أحدها: أنه لو كان كذلك/٢٠٠ ب لوجب أن يقتصر على خلق الجواهر والإعراض التي تتضمنها الأكوان، والاجتماع والافتراق دون الطعوم، لأن الاستدلال يتم بهذه الأشياء، ويتم باعتبار خلق الإنسان ونقله من حال إلى حال.

والثاني: أن هذه حجتنا، (لأنه) إذا كان الغرض الاستدلال فلا يمكن الاستدلال بما في هذه الجواهر من الطعوم، (والمحببات) الحسية إلا بإدراكها وإدراكها لا يحصل إلا بالتناول، فالتناول مباح.

والثالث: أن المستدل بهذه الأشياء لا يمكنه (ذلك) إلا بعد قوام (بنية)، وبنيته لا تقوم إلا بهذه الأشياء، فلو منع منها

<<  <  ج: ص:  >  >>