قد يكون الإنسان مهتماً بما يسأل عنه، ويظهر أنه مهتم بغيره متشاغل (بسواه) فإذا سئل عنه، تنبه كأنه كان ساهياً عنه، ليوهم: أنه لم يتعمد الكذب، وقد تعمده وراعاه، وقد يقر الإنسان على نفسه بما يوجب العقوبات، لغرض وجهل يحمله على ذلك، وقد رأينا من غرق نفسه وصلبها، وقطع ذكره وأخبر بموت ابنه ليصل إلى أمر يلتمسه ويريده، وإذا احتمل ذلك لم يقع لنا العلم.
واحتج: بأنه لو لم يقع العلم بخبر الواحد، لم (يقع)، وإن انضم إليه الجماعة الكثيرة، لأن ما يجوز على الواحد يجوز على الثاني، والخامس والعاشر، ولما وقع العلم بخبر الجماعة، دل على وقوعه بالواحد.
الجواب:(أنه) يقال: ولم كان كذلك؟ وما أنكرتم أن يكون العلم الواقع بالتواتر، (إن) كان مكتسباً أن تكون شروط اكتساب العلم وجدت فيه، ولم توجد في خبر الواحد، وإن كان ضرورياً فهو فعل الله تعالى؟ فما يؤمنكم أن يوقعه عند التواتر لمصلحة يعلمها، ولا يوقعه عند أخبار الآحاد؟ فبطل ما ذكرتم.