للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فإن قيل: فقد خالف ابن عباس (ما) روى له أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: "إذا استيقظ أحدكم من منامه فلا يغمس يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً"، قال: فما نصنع بمهراسنا؟: وهو حجر كبير كانوا يتوضأون منه، لا يمكن أن يقلب منه على اليد، وهذا اعتراض على الحديث بالقياس.

(قلنا): هذا ليس مقياس وإنما بين أن ذلك، متعذر في المهراس، أو حمل ذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم: لم يرد به الوجوب، لأنه كان يشاهد الصحابة تتوضأ من المهراس فلا ينكر، فعلم: أنه أراد به الاستحباب، وهذا تأويل للخبر لا معارضة له بالقياس.

دليل آخر: لو ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم: نصه على علة حكم، ونصه على ذلك بخلاف العلة، قدم نصه على الحكم على علته، فأولى أن يكون نصه على الحكم مقدماً على قياس استنبطناه باجتهادنا، مثال ذلك: لو قال: "تجلد الأمة خمسين لرقها"، ثم قال: "يجلد العبد مائعة"، كان المصير إلى جلد المائة مقدماً على القياس على الأمة بعلة الرق، لأن القياس يدل على مراد صاحب الشرع كناية وظناً واجتهاداً والخبر يدل على مراده، صريحاً فكان الرجوع إلى الصريح أولى ولأن القياس يفتقر إلى الاجتهاد في موضعين، في علة (أصله)، وفي إلحاق الفرع بتلك العلة،

<<  <  ج: ص:  >  >>