للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قوله: "وإنما اختار صاحب الصحيح طريق العنعنة على طريق التصريح بالسماع؛ لكونها على شرطه دون تلك." (١)

نخلص مما سبق:

أن زيادة قيد نفي التدليس في حدّ الصحيح زيادة من باب التأكيد على اتصال السند، وعدم انقطاعه، سواءً كان الانقطاع جليّاً فيخرج باشتراط اتصال السند، أو كان خفيّاً فيخرج باشتراط نفي العلّة، فقد تضمّن كل من: شرطيّ اتصال السند ونفي العلة - للحديث الصحيح- هذا القيد؛ لذا لم ينشط لذكره كل من جاء بعد ابن الصلاح سوى الذهبي رحمهم الله جميعاً.

[قيد الشهرة في الطلب]

من القيود التي زيدت في شرط الصحيح، قال الحافظ ابن حجر: "زاد الحاكم في علوم الحديث في شرط الصحيح أن يكون راويه مشهورا بالطلب، ... " (٢)

ومعنى الشهرة في اللغة: الوضوح والبيان والانتشار والذيوع. (٣)

وفي الاصطلاح: شهرة الراوي تعني خروجه عن حد الجهالة. (٤)


(١) السيوطي، التدريب، ١/ ٢٦٤.
(٢) ابن حجر، النكت، ١/ ٢٣٨.
(٣) ينظر: الرازي، مختار الصحاح، ١٧٠، ابن منظور، اللسان، ٤/ ٤٣٢. الفيروزآبادي، القاموس، ٤٢١، المعجم الوسيط، ١/ ٤٩٨.
(٤) قال البقاعي في النكت: "والمشهور بحال من الأحوال لا بد من أن يكون روى عنه تلك الحال من بلغوا الكثرة التي تصيره في عداد المشهورين فلا يكون حينئذ مجهول العين، ثم نقول: إن كان في حاله التي اشتهر بها ما يتضمن العدالة فقد زالت عنه جهالة الحال أيضا، وانطبق عليه قوله فيما تقدم: (وصححوا استغناء ذي الشهرة عن تزكية) وإلا فهو مجهول الحال، ... ". قال ابن حجر: "والمراد بجهالة الراوي: بأن لا يعرف فيه تعديل ولا تجريح معين."
وقال الخطيب البغدادي في الكفاية: "المجهول عند أصحاب الحديث: هو كل من لم يشتهر بطلب العلم في نفسه, ولا عرفه العلماء به, ومن لم يعرف حديثه إلا من جهة راو واحد".
وقد جعل ابن الصلاح المجهول على ثلاثة أقسام: مجهول العين، ومجهول العدالة الظاهرة والباطنة، ومجهول العدالة في الباطن دون الظاهر، وهو المستور. وجعلهم ابن حجر على قسمين: مجهول العين: وهو من لم يروِ عنه غير واحد ولم يُوثّق. ومجهول الحال وهو المستور: من روى عنه اثنان فصاعداً ولم يُوثّق.
وتزول جهالة عين الراوي برواية اثنان فصاعداً عنه، قال الخطيب البغدادي: "وأقل ما ترتفع به الجهالة أن يروي عن الرجل اثنان فصاعدا من المشهورين بالعلم كذلك ... إلا أنه لا يثبت له حكم العدالة بروايتهما عنه".ا. هـ. أي أنه يصبح من طبقة "مجهول الحال" وهو من لم تعرف عدالته الظاهرة ولا الباطنة، أو "المستور" وهو من عرفت عدالته الظاهرة أي لم يوقف منه على مفسق، لكن لم تثبت عدالته الباطنة، وهي التي ينص عليها علماء الجرح والتعديل ولو واحد منهم". ينظر: المراجع: البقاعي، النكت الوفية، ١/ ٦٢٦، ابن حجر، النزهة، ١٠٧، ١٢٦، الخطيب البغدادي، الكفاية، ٨٨ - ٨٩، ابن الصلاح، علوم الحديث، ١١١ - ١١٢، عتر، منهج النقد، ٩٠.

<<  <   >  >>