للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

السبب الثالث: الطعن (١) في ضبط الرواة أو أحدهم:

سبق الحديث عن المراد بالضبط وأنواعه ضمن قيد الضبط في فصل الحديث الصحيح،

والضبط نوعان وضّحهما ابن حجر - رحمه الله- بقوله:

"والضبط: ضبط صدر: وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء. وضبط كتاب: وهو صيانته لديه منذ سمع فيه وصححه إلى أن يؤدي منه." (٢)

والمراد بالطعن في ضبط الرواة أو أحدهم هو وصفه بصفات تنفى عنه تمام الضبط (المشترط في راوي الصحيح) وكذلك نفي خفة الضبط (التي يجب ألا ينزل عنها راوي الحسن لذاته)، فيوصف الراوي بصفات تنفي عنه تمام الضبط وخفته (٣) مثل وصفه: بسوء الحفظ، أو فحش الغلط، أو كثرة الغفلة، أو الوهم والخطأ، ولا ريب أن هذه الصفات تتفاوت بين الجرح الخفيف والشديد، أشار إلى ذلك ابن حجر بقوله: "ثم الطعن يكون بعشرة أشياء بعضها أشد في القدح من بعض: خمسة منها تتعلق بالعدالة، وخمسة تتعلق بالضبط. ولم يحصل الاعتناء بتمييز أحد القسمين من الآخر؛ لمصلحة اقتضت ذلك، وهي ترتيبها على الأشد فالأشد في موجب الرد" (٤)، فلم يحرص رحمه الله على التمييز بين


(١) المراد بالطعن: جرح الراوي باللسان، والتكلم فيه من ناحية ضبطه وحفظه وتيقظه. ينظر: الخضير، الحديث الضعيف، ١١٦.
(٢) ابن حجر، النزهة، ٦٩. ينظر: البقاعي، النكت، ١/ ١٦٨، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٨، الدهلوي، أصول الحديث، ٦٢.
(٣) بعد أن ذكر الدكتور نور الدين عتر تعريف الحديث الضعيف، وسرد شروط الحديث المقبول أضاف قيداً لشرط الضبط بقوله (ولو لم يكن تاماً)، ثم علل لهذه الإضافة، فقال مستدركاً على من سبقه: "كذا عدها البقاعي والسيوطي وغيرهما: لكن عبروا بقولهم: "الضبط" بدون زيادة "ولو لم يكن تاما". وهذا مشكل لأنه إذا فقد تمام الضبط بأن خف ضبط الراوي، فإنه يصير عندئذ حسنا، ولا يكون ضعيفا، لذلك كان الصواب في التعبير عن هذا الشرط ما قلناه: "الضبط ولو لم يكن تاما". عتر، منهج النقد، ٢٨٦.
(٤) ابن حجر، النزهة، ١٠٦.

<<  <   >  >>