الخفيف والشديد، فالوصف بسوء الحفظ أو لينه أخفّ في الجرح من الوصف بفحش الغلط أو كثرة الغفلة، وخفة الطعن في رواة الحديث أو شدته، تعدّ من العوامل المؤثرة على ضعف الحديث خفة أو شدة، وبالتالي قابليته للانجبار أو عدمه.
السبب الرابع: انتفاء العاضد (١) في الضعيف القابل للانجبار:
إن من الحديث ما يكون ضعفه يسيراً قابلا للانجبار في حال وجود ما يعضده ويقويه، وسبق معنا في الحديث الحسن بيان المراد من قيد المعاضدة والمتابعة، حيث خصّ هذا
القيد - من أنواع الحديث المقبول- الحديث الحسن لغيره، إذ كان فيه ضعف خفيف انجبر بالمُعاضِد من المتابع أو الشاهد، وأصبح في عداد المقبول، أما إن انعدم المُعاضِد بقي الحديث على حاله من الضعف.
فهذا السبب أو المسلك من مسالك الضعف إنما يخص أنواعاً من الضعيف وهو القابل للانجبار، أما غير القابل للانجبار فيظل على حاله سواء وُجد له متابع أم لم يوجد.
قال ابن الصلاح: "ليس كل ضعفٍ في الحديث يزول بمجيئه من وجوه، بل ذلك يتفاوت:
فمنه ضعف يزيله ذلك بأن يكون ضعفه ناشئا من ضعف حفظ راويه، مع كونه من أهل الصدق والديانة. فإذا رأينا ما رواه قد جاء من وجه آخر عرفنا أنه مما قد حفظه، ولم يختل فيه ضبطه له. وكذلك إذا كان ضعفه من حيث الإرسال زال بنحو ذلك، كما في المرسل الذي يرسله إمام حافظ، إذ فيه ضعف قليل، يزول بروايته من وجه آخر.
ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك؛ لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته. وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب، أو كون الحديث شاذا.
(١) سبق بيان معنى المعاضدة والمصطلحات الدالة عليها والغرض منها في قيد المتابعة والمعاضدة في الحديث الحسن.