للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالمستور، حيث قال: "ولهذا فرّق المحدثون بين الصحيح والحسن والضعيف، فالصحيح رواية العدل، والحسن رواية المستور، والضعيف رواية المجروح." (١)، والله أعلم.

القيد الثالث: قيد المتابعة والمعاضدة (٢) (يُروى من غير وجه):

جاء في تعريف الترمذي للحسن قوله: "ويُروى من غير وجه" وتبعه على ذلك ابن الصلاح (٣)، وهذه العبارة تشير إلى بعض المصطلحات التي تتردد في كتب الحديث وعلومه للمرويات المعاضدة لبعضها، ومن ذلك مصطلح المتابعة، والشاهد، وطريقة التوصّل إليهما وهو ما يُسمى بالاعتبار (٤).

قال ابن الصلاح - مُفسراً قول الترمذي "ويُروى من غير وجه"- بقوله: "ويكون متن الحديث مع ذلك قد عُرِف بأن رُوِي مثلُه أو نحوه من وجه آخر أو أكثر حتى اعتضد

بمتابعة من تابع راوِيه على مثله، أو بما له من شاهد، وهو ورود حديث آخر بنحوه، فيخرج بذلك عن أن يكون شاذا ومنكرا" (٥)


(١) الزركشي، النكت، ٣/ ٣٧٩.
(٢) المعاضدة في اللغة: "المعاونة، واعتضد به: استعان." الرازي، المختار، ٢١١.
(٣) وذلك في القسم الأول من الحسن، والذي هو عنده لا يخلو من رواية المستور الذي لم تتحقق أهليته، فاشترط لحسنه روايته من وجه آخر مثله أو نحوه. ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ٣١.
(٤) الاعتبار لغة: من اعتبر الشيء اختبره وامتحنه، والاعتبار النظر في الأمور وتدبّرها؛ ليُستدل بها على غيرها. يُنظر: مادة (عبر) ابن فارس، مقاييس اللغة، ٤/ ٢١٠، الرازي، مختار الصحاح، ١٩٨، ابن منظور، لسان العرب، ٤/ ٥٣١، الزبيدي، تاج العروس، ١٢/ ٥١١. والاعتبار عند المحدثين: سبر دواوين كتب الحديث، والنظر فيها، والبحث عن من شارك أحد رواة الإسناد في روايته لهذا الحديث، سواء اتفقا في لفظ الحديث أو معناه. فالاعتبار هو الهيئة الحاصلة في الكشف عن الشاهد والمتابعة. ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ٨٢ - ٨٤، ابن حجر، النزهة، ٨٧ - ٩٠، ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٨٢، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٥٦ - ٢٥٨، السيوطي، تدريب الراوي، ١/ ٢٨١ - ٢٨٣، الدهلوي، أصول الحديث، ٥٦ - ٥٧.
(٥) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٣١.

<<  <   >  >>