للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لما رواه سائر الثقات، ثم عرّج إلى ذكر الزيادة في الأسانيد، ممثّلاً لها بزيادة الوصل مع الإرسال.

مما دعا إلى التطرّق لموضوع: محلّ ورود الزيادة، وأثر ذلك في الحكم عليها من حيث القبول أو الرد: (١)

[الزيادة ومحل ورودها في المتن أو السند]

يُعدّ من المحاور الرئيسية التي تطرّق إليها نوع زيادة الثقة عند ابن الصلاح (محلّ ورود الزيادة في المتن أو السند)، وفيما يخص تقسيم زيادات الثقات إلى أقسام حسب محلّ ورود هذه الزيادة في المتن أو الإسناد، فلعل هذا ظاهر في كتب وأبحاث المعاصرين،


(١) حكم زيادة الثقة من حيث القبول أو الرد:
لقد استفاضت كتب علوم الحديث وأصول الفقه في ذكر مذاهب العلماء في زيادة الثقة، وقد جمعها الباحث شوكت - في رسالته- فوجد أنها في مجملها تعود إلى أربعة أقوال:
١ - قبول زيادة الثقة مطلقاً.
٢ - ردها مطلقاً.
٣ - اعتبار بعض الشروط في قبولها، وهي شروط تتعلّق (بالراوي، والمروي، وحال التلقّي).
٤ - ليس هناك حكم مطّرد على الزيادة من القبول أو الرد؛ بل تُلاحظ القرائن لكل زيادة على انفرادها.
ثم ناقش هذه الأقوال، وكانت نتيجتها:
أما القول الأول بقبول الزيادة مطلقا: فقد نُوزع فيه وظهر خطأ هذا الإطلاق، وكذلك القول بردّ الزيادة مطلقاً غير مرضي؛ حيث يؤدي إلى طرح كثير من الأحاديث التي ورد فيها زيادات تفيد أحكاماً.
والقول الثالث وما ذُكر فيه من شروط قد يُعتبر بعضها في قبول الزيادة أو ردها؛ بل هذه الشروط تعتبر من القرائن التي يُشير إليها القول الرابع، وهو القول الوسط في قبول الزيادة أو ردها، وهو ما رجّحه الباحث، ولخّص عبدالجواد حمام الأقوال في حكم زيادة الثقة بقوله:
"أن الزيادة تُقبل بشرطين:
الأول: أن يكون راويها من العدالة والضبط والإتقان ما تحتمل منه هذه الزيادة.
الثاني: أن تخلو هذه الزيادة بعد الدراسة والنظر من أي قرينة أو أمارة على خطئها وعدم صحتها.
فبهذا الأصل وهو القَبول، مع هذين الشرطين تجتمع كل الأقوال السابقة، وتلتقي آراء المحدثين المختلفة"، "وهذا هو الصواب وهو الرأي المختار المتوسط الذي هو بين القبول والرد، فيكون حكم الزيادة حسب القرائن المحيطة بها حسب ما يبدو للناقد العارف بعلل الحديث وأسانيده وأحوال الرواة بعد النظر في ذلك أما الجزم بوجه من الوجوه من غير نظر إلى عمل النقاد فذلك فيه مجازفة كبيرة".
وفي بحث الدكتورة مستورة المطيري في بيان أثر هذه القرائن من حيث قبول الزيادة أو ردّها، قالت: "رأيت في هذا البحث أن أُشير إلى دور القرائن والمرجحات وأهميتها في قبول زيادة الثقة، وأبين أن هذا المنهج هو الذي انتهجه وسار عليه معظم العلماء سواء منهم القدامى والمعاصرين".
المراجع: ينظر: الخطيب البغدادي، الكفاية، ٤٢٤ - ٤٢٦، ابن رجب، شرح العلل، ٢/ ٦٣٥ - ٦٣٩، ابن حجر، النزهة، ٨٢ - ٨٤، السخاوي، فتح المغيث، ٢٦٦، بيكر، زيادة الثقات، ١/ ١١٠ - ١٧٤ باختصار، حمام، التفرد، ٥٧٢، الفحل، أثر الاختلاف، ٣٣٣، أميرة الصاعدي، القواعد والمسائل الحديثية المختلف فيها بين المحدثين وبعض الأصوليين، ٢٢٧ - ٢٣٠، المطيري، زيادة الثقة، ٢٧٣.

<<  <   >  >>