للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: تعريف المعلل لغة واصطلاحاً:

[المطلب الأول: تعريف المعلل لغة]

المعلل: اسم مفعول من علَّل.

وقد ذكر ابن فارس (١) أن الفعل (علَّ) يأتي على أصولٌ ثلاثة صحيحة:

الأول: تكرُّرٌ أو تكرير، ومنه: العَلَلُ، وهي الشربة الثانية.

والثاني: عائق يعوق صاحبه، والعلة حدث يشغل صاحبه عن وجهه.

والثالث: ضَعفٌ في الشيء، فالعلة مرض، وصاحبها معتل. (٢)

وعليه فإن من معاني العلة في اللغة: التكرير، والمرض، والعائق يعوق صاحبه. (٣)

قال السخاوي: "أعله الله فهو مُعلّ، ولا يقال: معلل، فإنهم إنما يستعملونه من علله بمعنى ألهاه بالشيء وشغله به، ومنه تعليل الصبي بالطعام، وما يقع من استعمال أهل الحديث له;


(١) أحمد بن فارس بن زكريا بن محمد بن حبيب الرازي اللغوي، أبو الحسين القزويني، كان إماماً في علوم شتى، وخصوصاً اللغة فإنه أتقنها، وألف كتابه (المجمل) في اللغة، وهو على اختصاره جمع شيئاً كثيراً. مات سنة ٣٩٥ هـ. ينظر: ابن خلكان، الوفيات، ١/ ١١٨، الذهبي، السير، ١٧/ ١٠٣.
(٢) ينظر: ابن فارس، مقاييس اللغة، ٤/ ١٣ - ١٤.
وقد أوضح الدكتور همام سعيد العلاقة بين هذه المعاني اللغوية للعلة، وبين المعنى الاصطلاحي فقال -في مقدمة تحقيقه لشرح علل الترمذي-: "ولما كان من معاني (علّ) في أصل اللغة الشربة الثانية، كما ذكر ابن فارس في معنى هذه المادة، فيكون هذا الاستعمال لا غبار عليه، لا في اللغة ولا في الاصطلاح، وتكون العلاقة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي أن العلة ناشئة عن إعادة النظر في الحديث مرة بعد مرة.
وكما يقال (معلول) بهذا المعنى فإنه يقال (معلّ) لما دخل على الحديث من العلة بمعنى المرض. وأما استعمال (معلل) فلا تمنعه القواعد إذا كان مشتقاً من (علله) بمعنى ألهاه به وشغله، ويكون معنى (الحديث المعلل): هو الحديث الذي عاقته العلة وشغلته فلم يعد صالحا للعمل به." همام عبدالرحيم سعيد، "مقدمة في العلة وميدانها" من تحقيقه لشرح علل الترمذي لابن رجب، ١/ ٢١.
(٣) يُنظر: الفراهيدي، العين، ١/ ٨٨. الرازي، مختار الصحاح، ٢١٦.

<<  <   >  >>