للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المبحث الأول: تعريف الصحيح لغة واصطلاحاً:

المطلب الأول: تعريف الصحيح لغة (١):

الصحيح في اللغة من صحَّ يصِح صحَّة، والصحة: ذهاب السقم ونقيضه وخلافه، وهي البراءة من كل عيب ومرض وريب.

والجمع صِحاح بالكسر، والصَحيح والصَحاح بالفتح بمعنى واحد أي: غير مقطوع. (٢)

فالصحيح في اللغة ضدُّ السقم، ويُراد به الخلو من كل عيب. (٣)

المطلب الثاني: تعريف الصحيح اصطلاحاً (حسب الترتيب الزمني):

اعتنى بعض علماء الحديث ونقادّه ببيان مفهوم بعض المصطلحات الحديثية المتداولة بينهم، وذلك إما: بتعريفها ووضع حدّ لها، أو بذكر بعض قيودها وشروطها التي تميّزها عن غيرها، وكان مما وجدته في بيان مفهوم الحديث الصحيح (٤) أو شروطه ما يلي:


(١) من النكات اللطيفة في معنى الحديث الصحيح: ما اختاره الجعبري في معنى الصحيح في اللغة بأنه: الصدق، ولعل ما دعاه لاختيار هذا المعنى كون تعريف الخبر في اللغة: هو الكلام المحتمل للصدق والكذب، وبالنظر في تعريف الصدق في اللغة فإنه: أصل يدل على قوة في الشيء قولا وغيره. وهي إشارة لطيفة منه إلى الصفات التي تحفّ الحديث الصحيح. المراجع: الجعبريّ، رسوم التحديث في علوم الحديث، ٥٤، ابن فارس، معجم مقاييس اللغة، ٣/ ٣٣٩ مادة (ص د ق)، الجرجاني، التعريفات، ٩٦، مجمع اللغة العربية، المعجم الوسيط، ١/ ٢١٥.
(٢) يُنظر مادة (ص ح ح): الأزهري، تهذيب اللغة، ٣/ ٢٦٠. ابن فارس، المرجع السابق، ٣/ ٢٨١. الجوهري، الصحاح، ١/ ٣٨١. الرازي، مختار الصحاح، ٣٧٥. ابن منظور، لسان العرب، ٢/ ٥٠٧. الفيروزآبادى، القاموس المحيط، ٢٢٨.
(٣) وهو حقيقة في الأجسام، مجاز في غيرها. ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٧، السيوطي، التدريب، ١/ ٦١.
(٤) سبق في التمهيد - عند الحديث عن نشأة الإسناد- الإشارة إلى دور الصحابة، ومن جاء بعدهم من السلف الصالح في التثبت عند نقل الأخبار، والتدقيق فيها، والتأكّد من اتصال السند وثقة الرواة وعدالتهم (إذ أهم شروط الصحيح كما سيأتي عند تحرير التعريفات)، فمن ذلك ما أخرجه البخاري في صحيحه، باب المسح على الخفين أن عبدالله بن عمر - رضي الله عنه - سأل أباه - رضي الله عنه - عن روايةٍ لسعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، فقال له عمر - رضي الله عنه -: إذا حدَّثك سعدٌ عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، فلا تسأل عنه غيرَه. ١/ ٥١ ح (٢٠٢).
وأخرج الحاكم في المستدرك أن عمراً - رضي الله عنه - سأل عبدالرحمن بن عوف عن حديثٍ، فوجد عنده منه علمًا، فقال له: هَلُمَّ؛ فأنت العدل الرضا.١/ ٤٧١ ح (١٢١٣)
وأخرج مسلم -في مقدمة صحيحه- قول التابعي الجليل محمد بن سيرين ١/ ١٤، وأخرج عنه أيضاً قوله: "لم يكونوا يسألون عن الإسناد، ١/ ١٥، فالتدقيق في نقل الأخبار، والسؤال عن الإسناد إنما لمعرفة حال رواته من العدالة والضبط، وهذا يستلزم أن يكون السند متصلاً غير منقطع، وإلا لم تُعرف عدالة الساقط من السند.

<<  <   >  >>