للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

في كتابيهما، وليس شرطاً عاماً لكل حديث صحيح (١)، إذ يُكتفى بالشروط السابقة من اتصال السند وعدالة الرواة وضبطهم وخلو الحديث من الشذوذ والعلة، والله أعلم.

[قيد اشتراط العدد]

وهو من القيود الزائدة على شرط الصحيح عند ابن الصلاح، والمراد باشتراط العدد في الحديث الصحيح أو المقبول بوجه عام "أن يرويه عدلان عن عدلين حتى يتصل السند مثنى مثنى برسول الله - صلى الله عليه وسلم - " (٢).

وممن نُسب إليه اشتراط هذا الشرط -في الحديث الصحيح - من أئمة الحديث (٣): الإمام الحاكم -رحمه الله- مستدلين بما جاء في تعريفه للصحيح في كتابه "معرفة علوم


(١) معلوم أن البخاري ومسلم رحمهما الله لم يستوعبا في كتابيهما كل الصحيح، بل جاء عن البخاري قوله: "ما أدخلت في كتابي الجامع إلا ما صح وتركت من الصحاح لحال الطول" الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ٢/ ٣٢٢.
وقال مسلم في صحيحه: " قال: ليس كل شيء عندي صحيح وضعته ها هنا إنما وضعت ها هنا ما أجمعوا عليه" مسلم، الصحيح، ١/ ٣٠٤ ح (٦٣).
(٢) ابن حجر، النكت، ١/ ٢٣٨. أشار إلى ذلك المعنى العراقي في كتابه التقييد، بنقله جزءاً من رسالة البيهقي إلى أبي محمد الجويني -رحمهما الله- حيث قال: "رأيت في الفصول التي أملاها الشيخ حرسه الله تعالى حكاية عن بعض أصحاب الحديث أنه يشترط في قبول الأخبار أن يروى عدلان عن عدلين حتى يتصل مثنى مثنى برسول الله - صلى الله عليه وسلم -. ولم يذكر قائله إلى آخر كلامه.
وكأن البيهقي رآه في كلام أبى محمد الجوينى فنبهه على أنه لا يعرف عن أهل الحديث والله أعلم." العراقي، التقييد، ٢١.
(٣) مسألة اشتراط العدد.١٣/ ٢٣٣.
ومن أقوال أهل الحديث في حجية خبر الآحاد:
قول ابن حبان في مقدمة صحيحه: "فأما الأخبار فإنها ـ كلها ـ أخبار آحاد؛ لأنه ليس يوجد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - خبر من رواية عدلين روى أحدهما عن عدلين وكل واحد منهما عن عدلين حتى ينتهي ذلك إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -. فلما استحال هذا وبطل ثبت أن الأخبار ـ كلها ـ أخبار الآحاد، وأن من تنكب عن قبول أخبار الآحاد فقد عمد إلى ترك السنن كلها لعدم وجود السنن إلا من رواية الآحاد."
وقال ابن عبدالبرَّ في التمهيد: "أجمع أهل العلم من أهل الفقه والأثر في جميع الأمصار فيما علمت، على قبول خبر الواحد العدل وإيجاب العمل به، إذا ثبت ولم ينسخه غيره من أثر أو إجماع، على هذا جميع الفقهاء في كل عصر من لدن الصحابة إلى يومنا هذا، إلا الخوارج وطوائف من أهل البدع شرذمة لاتعد خلافاً ".
وفى ذلك يقول الإمام الحازمي -في كتابه شروط الأئمة-: "ولا أعلم أحداً من فرق الإسلام القائلين بقبول خبر الواحد اعتبر العدد سوى متأخري المعتزلة؛ فإنهم قاسوا الرواية على الشهادة، واعتبروا في الرواية ما اعتبروا في الشهادة، وما مغزى هؤلاء إلا تعطيل الأحكام كما قال أبو حاتم ابن حبان".
إن مسألة اشتراط وجود أكثر من راوٍ في كل طبقة من طبقات الإسناد لقبول الحديث، وتفنيد الأقوال فيها، وبيان حجية خبر الآحاد من المسائل المبسوطة بأدلتها في كتب علوم الحديث وكتب أصول الفقه، المراجع: ابن حبان، الصحيح، ١/ ١١٨، ابن عبد البر، التمهيد، ١/ ٢، الحازمي، شروط الأئمة، ٦١. وللاستزادة ينظر: الشافعي، الرسالة، ٤٠١، محمد بن علي الطيب أبو الحسين البصري، المعتمد في أصول الفقه، ٢/ ١٣٨، أبو حامد الغزالي، المستصفى في علم الأصول، ٢٣، الرازي، المحصول في علم أصول الفقه، ٤/ ٤١٧، ابن حجر، النكت، ١/ ٢٤١ - ٢٤٧، البقاعي، النكت الوفية، ١/ ٨٧، ٢/ ٤٣٩ - ٤٤٢، السيوطي، تدريب الراوي، ١/ ٦٩ - ٧٥، السيوطي، البحر الذي زخر، ١/ ٣٦٣ - ٣٧٦، الجزائري، توجيه النظر، ١/ ١٨١ - ١٨٦، الجديع، تحرير علوم الحديث، ١/ ٥٢.

<<  <   >  >>