للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما ذكره الحاكم في الصحيح من كون رواته مشهورين بالطلب يغني عنه -كما ذكر ابن حجر- اشتراط تمام الضبط في الراوي؛ لأن ضبطه دليل عنايته بالرواية مُضافاً إليه تأكيده انتفاء الجهالة من رواة الصحيح، وخروجهم عن حدّ الجهالة بنوعيها حيث قال:

"فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح؛ لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفا بالعدالة، فمن زعم أن أحدا منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف، ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم على من يدعي عدم معرفته؛ لما مع المثبت من زيادة العلم ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحداً ممن يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلا." (١)

وتجدر الإشارة إلى أن وصف الحاكم لرواة الصحيح بالشهرة بالرواية أو بالطلب-المقيّدة بالثقة والإتقان (٢) - إنما كان خاصاً بما أخرجه كل من البخاري ومسلم في صحيحهما، إذ عدّه القسم الأول من الصحيح المتفق على صحته، وجعله في الدرجة الأولى منه، ولم يشترط ذلك في الأقسام الأخرى من الصحيح المتفق عليه والذي أخرجه غيرهما، وبذلك يكون ما نُسِب إليه من اشتراط الشهرة بالطلب كشرط للصحيح مقيّداً بما أخرجه الشيخان


(١) ابن حجر، هدي الساري، ٣٨٤. ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ٢/ ٥٥ - ٥٦.
(٢) ملاحظة: إنما وصف الصحابي بالشهرة بالرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وزاد على الشهرة وصف الثقة والإتقان فيمن هو دون الصحابي؛ ولعل ذلك إشارة منه - رحمه الله- لعدالة الصحابة وعدم الحاجة إلى البحث عن عدالتهم، والله أعلم.

<<  <   >  >>