للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الوصف عند علماء الجرح والتعديل-؛ لأن من الرواة من يشتهر بين نقاد الحديث بالكذب أو التهمة به، فوصف الراوي مجرداً بكونه مشهوراً أو معروفاً خروج له عن حيّز الجهالة إلى معرفة عينه، أمّا المعرفة بحاله فتختلف من راوٍ لآخر، حسب الحال التي اُشتهر أو عُرف بها، "فإن كان في حاله التي اشتهر بها ما يتضمن العدالة فقد زالت عنه

جهالة الحال أيضا، وانطبق عليه قوله فيما تقدم: "وصححوا استغناء ذي الشهرة عن تزكية" وإلا فهو مجهول الحال." (١)

نخلص مما سبق:

أن الشهرة بشكل عام خروج الراوي عن حدّ الجهالة، سواء باشتهار شخصه فيخرج عن جهالة العين، أو باشتهار حاله فيخرج عن جهالة الحال.

والشهرة درجات:

أعلاها: شهرة الراوي بالإمامة والحفظ شهرة تغنيه عن تزكية المعدِّلين (٢).

ثم تليها شهرة بطلب الحديث وإتقانه والعناية به والتي تدل على عدالته وتمام ضبطه، ثم شهرة بالصدق دون بلوغ الغاية في الضبط والإتقان (٣)، ثم شهرة بحمل العلم والعناية به -وهو مذهب ابن عبدالبر والذي عدّه تعديلاً للراوي (٤) - ويليها مُطلق الشهرة دون قيد أو وصف، وهي التي ترفع عن الراوي جهالة عينه ولا تدل على تعديله.


(١) البقاعي، النكت، ١/ ٦٢٦.
(٢) إذ الشهرة والاستفاضة أحد طرق إثبات العدالة.
(٣) سيأتي بيانها في مبحث الشهرة بالصدق ضمن قيود الحديث الحسن.
(٤) "قد انتقده ابن الصلاح فقال: "وفيما قاله اتساع غير مرضي"، وكأن ابن الصلاح لحظ في ذلك إلى الشبه بالمستور. لكن صوَّب هذا القول المحققون من أهل الحديث كالجزري، والمزي، والذهبي، والسخاوي، وصوروه بما لا يشابه مجهول الحال".
فهو أرفع حالاً من المستور ومجهول الحال، فحاله في العلم والعناية به معروفة. قال الذهبي: "ولا يدخل في ذلك المستور، فإنه غير مشهور بالعناية بالعلم، فكل من اشتهر بين الحفاظ بأنه من أصحاب الحديث وأنه معروف بالعناية بهذا الشأن، ثم كشفوا عن أخباره فما وجدوا فيه تليينا ولا اتفق لهم على علم بأن أحدا وثقه، فهذا الذي عناه الحافظ وأنه يكون مقبول الحديث، إلى أن يلوح فيه جرح" ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ٢/ ٢٠، عتر، منهج النقد، ١٠٣. أضاف فضيلة المناقش استدراكاً: "لكن ابن عبدالبر يُعلّ الأحاديث بالجهالة".

<<  <   >  >>