واعتذر الحافظ المعلمي عن صنيع البخاري فقال-في تعليقه في حاشية كتاب ابن أبي حاتم-: "ذاك اصطلاح للبخاري إذا لم يكن للصحابي إلا حديث واحد- لم يصح عنه. المراجع: ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، ٩/ ١١٦، ٩/ ٢٢، ابن عدي، الكامل في ضعفاء الرجال، ٤/ ١٦١ - ١٦٣، ابن حجر، اللسان، ٦/ ١٣، أحمد بن فارس السلوم، تتمة في بيان شرط الشيخين البخاري ومسلم في صحيحيهما-مطبوع مع تحقيقه لكتاب المدخل إلى الإكليل، ١٨٠. بتصرف. ولعل الحاكم -رحمه الله- قلّد البخاري في اصطلاحه هذا؛ لذا اشترط في الصحيح بوجه عام: أن يكون الصحابي قد زال عنه وصف الجهالة برواية عدلين عنه، ويكون الطريق إليه صحيحاً قد استوفى شروط القبول عند أهل الحديث، ونجد كذلك الإمام الحافظ أبا عبدالله محمد بن إسحاق بن منده (ت ٣٩٥ هـ)، -وهو من معاصري الحاكم- يُصرّح بنسبة الصحابي إلى الجهالة ما لم يروِ عنه إلا تابعي واحد حيث قال: "من حُكْم الصحابي أنه إذا روى عنه تابعي واحد -وإن كان مشهورًا مثل الشعبي وسعيد بن المسيب- ينسب إلى الجهالة. فإذا روى عنه رجلان صار مشهورًا، واحتج به، وعلى هذا بنى البخاري ومسلم كتابيهما الصحيحين". ابن طاهر المقدسي، شروط الأئمة الستة، ٢٢، ولعل مراده بقوله (ُاحتُجّ به) أي: جُعل في مرتبة الاحتجاج به أي في أصول الصحيحين لا في الشواهد والمتابعات؛ لذا أعقبه بقوله (وعلى هذا بنى البخاري ومسلم كتابيهما)، فمرادهم بالجهالة هنا: قلة الرواة عن الراوي، وعدم اشتهاره، وليس المقصود جهالة عدالته، فعدالة الصحابة معلومة كما سبق، والله أعلم.