للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك، فإنه من النفائس العزيزة. والله أعلم." (١)

وقال ابن حجر في كتابه النزهة:

"ومتى توبع السيِّئ الحفظ بمُعتبر: كأن يكون فوقه، أو مثله، لا دونه، وكذا المختِلط الذي لم يتميز، والمستور، والإسناد المرسل، وكذا المدلَّس إذا لم يُعرف المحذوف منه

صار حديثهم حسنا، لا لذاته، بل وصفه بذلك باعتبار المجموع، من المتابِع والمتابَع؛ لأن كل واحدٍ منهم احتمال أن تكون روايته صوابا، أو غير صواب، على حد سواء، فإذا جاءت من المعتبرين روايةٌ موافقةٌ لأحدهم رَجَح أحد الجانبين من الاحتمالين المذكورين، ودل ذلك على أن الحديث محفوظ؛ فارتقى من درجة التوقف إلى درجة القبول. ومع ارتقائه إلى درجة القبول فهو مُنحَطٌّ عن رتبة الحسن لذاته، وربما توقف بعضهم عن إطلاق اسم الحسن عليه." (٢)

ولتقوية الحديث الضعيف شروط، حصرها الدريس في ستة شروط (٣) على النحو التالي:


(١) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٣٤.
"فالضعف الخفيف أو اليسير في الحديث: بأن يكون سبب ضعفه سوء حفظ أحد الرواة، أو الانقطاع في السند، أو الجهالة في الرواة. فالحديث المعلق، والمرسل، والمعضل، والمنقطع، والمدلَّس، والمرسل الخفي، وحديث المختلِط، والمتلقِّن، ومجهول العين، ومجهول الحال، والمبهم، ضعف هذه الأحاديث خفيف، ترتقي إلى الحسن لغيرها إذا رويت من طريق آخر أحسن منها أو مثلها، أو الطرق الأخرى ...
والضعف الشديد (في الحديث): بأن يكون سبب ضعفه الكذب، أو التهمة بالكذب، أو البدعة، أو الفسق، أو كثرة الخطأ، أو الشذوذ، أو النكارة، أو الوهم.
فالحديث الموضوع، والمتروك، وحديث المبتدع إذا كان في بدعته، وحديث الفاسق، وكذلك الحديث الشاذ والمنكر بأنواعه الستة: المدرج، والمقلوب، والمزيد في متصل الإسناد بشروطه، والمضطرب، والمصحَّف، والمحرَّف، وكذلك المعلول. هذه الأحاديث ضعفها شديد لا ترتقي إلى درجة الحسن لغيرها. ينظر، الخيرآبادي، المعجم، ٨٩.
(٢) ابن حجر، النزهة، ١٢٩ - ١٣٠، ينظر: السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٩٤، الفحل، العلل، ٣٥.
(٣) يُضاف إليه شرط سابع ذكره الجديع في كتابه تحرير علوم الحديث، وهو: أن يكون حديثاً له نفس درجة المجبور به من جهة من يضاف إليه. أي: إن كان الضعيف المراد تقويته حديثاً مرفوعاً، وجب في جابره أن يكون مرفوعاً، صراحة أو حكماً؛ لأن المراد تقوية أحد الطريقين بالآخر لتصحيح نسبتهما إلى نفس القائل أوالفاعل.
ويخرج منه: تقوية الحديث بما ليس بحديث، أو بما نسبته إلى من هو دون درجة من ينسب له ذلك الحديث. ولذلك طرق لا يصلح اتباع شيء منها لتقوية نسبة الحديث الضعيف إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -.
أولها: تقويته بموافقة ظاهر القرآن، زعمه بعضهم، وهذا يكون صحيحاً أن يقال: المعنى الذي جاء به الحديث الضعيف موجود في كتاب الله، لكن يبقي للحديث وصف الضعف في نسبته إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - قولاً أو فعلاً.
ثانيها: تقويته بالموقوفات على الصحابة، فالحديث الموقوف لا يقوي المرفوع إلا إذا كان مما لا مجال للرأي فيه، ولم يكن من أحاديث بني إسرائيل.
ثالثها: تقوية الحديث بجريان العمل أو الفتوى به، حيث يستأنس بالضعيف الذي لا معارض له، إذا جرى عليه عمل أهل العلم، من الصحابة فمن بعدهم في عصر النقل والرواية. أما عد ذلك العمل منهم دليلاً على ثبوت الحديث، فلا، إذ العمل قد يجري بالشيء بناء على أصل آخر، من دلالة كتاب أو سنة صحيحة غير هذا الحديث.
رابعها: تقوية الحديث باستدلال المجتهد به، وهذا أضعف مما تقدم.
خامسها: تقوية الحديث عن طريق الكشف، وهذا يُذكر عن بعض متأخري الصوفية، ... وليس هذا بطريق من طرق العلم.
سادسها: تقوية الحديث بمطابقته للواقع، وهذا طريق لم يسلكه المتقدمون، وقل من سلكه من المتأخرين، ... وهذا منهج يضرب عن قوانين الحديث صفحاً، ويسقط الاعتداد بالقواعد. ينظر: الجديع، التحرير، ٢/ ١٠٨٧ - ١٠٩٤، المرتضى الزين، مناهج المحدثين في تقوية الأحاديث ٢٢ - ٣٤، ٨١ - ٨٣.

<<  <   >  >>