للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالإتقان له والمعرفة به" (١). فأشار إلى أن العلو في مراتب الشيوخ وطلبة العلم يجمع بين الشهرة بالطلب والإتقان والمعرفة.

وكذلك حين ذكر الحاكم أقسام الحديث الصحيح، فإنه وصف رواة القسم الأول - المخرّج في الصحيحين- فيما هم دون الصحابي بالشهرة بالثقة والإتقان، بينما اكتفى في الصحابي بالشهرة بالرواية، فقال:

"القسم الأول من المتفق عليها اختيار البخاري ومسلم وهو الدرجة الأولى من الصحيح. ومثاله الحديث الذي يرويه الصحابي المشهور (٢) بالرواية عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه التابعي المشهور بالرواية عن الصحابة وله راويان ثقتان، ثم يرويه عنه من أتباع التابعين الحافظ المتقن المشهور، وله رواة ثقات من الطبقة الرابعة، ثم يكون شيخ البخاري أو مسلم حافظا متقنا مشهورا بالعدالة في روايته. فهذه الدرجة الأولى من الصحيح" (٣)

هذه الشهرة التي ذكرها الحاكم، فسّرها ابن حجر مُعلِّقاً وموضحاً فقال:

" زاد الحاكم في علوم الحديث (٤) في شرط الصحيح أن يكون راويه مشهورا بالطلب، وهذه الشهرة قدر زائد على مطلق الشهرة التي تخرجه من الجهالة. واستدل الحاكم


(١) الخطيب البغدادي، الجامع لأخلاق الراوي، ١/ ١٢٦.
(٢) جاء في تعريفه للصحيح في كتابه معرفة علوم الحديث "أن يرويه عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صحابي زائل عنه اسم الجهالة، وسبق تفصيل مسألة إطلاق لفظ الجهالة على الصحابي- في حاشية تعريفه في بداية هذا الفصل. " وبيان أن المراد بنفي الجهالة هنا هي المتعلّقة بشهرة الرواة لا بعدالتهم.
وقد توسع الدكتور عبدالجواد حمام في عرض هذه المسألة في كتابه جهالة الرواة، وأرجع ما يقع من بعض الأئمة في وصف بعض الصحابة بالجهالة إلى ثلاث حالات هي:
١ - من جُهل اسمه (فأُطلِق على الإبهام جهالة). ٢ - إطلاق الجهالة لعدم ثبوت الصحبة عند القائل.
٣ - جهالة الاشتهار بالعلم والرواية. ثم لخّص ضمن نتائج بحثه: أنّ من وصف أحد الصحابة بالجهالة من المحدثين، فإنه لم يرد الجهالة الاصطلاحية، وإنما يقصد معنىً خاصاً بالجهالة وهو قلّة الرواية. ينظر: حمام، جهالة الرواة، ٢/ ٩١١ - ٩٣٧، ٢/ ١١٣٧.
(٣) الحاكم، المدخل إلى الإكليل، ٣٣.
(٤) ملاحظة: لفظ الشهرة لم يأت في كتاب "معرفة علوم الحديث" - كما في المطبوع- إنما جاء في كتاب "المدخل إلى الإكليل" في الدرجة العليا من الصحيح فقط.

<<  <   >  >>