للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذ كثرة الطرق الموافقة لرواية الراوي تدل على ضبطه تلك الرواية، وقد أوضح السيوطي- نقلاً عن شيخه ابن حجر- سبب اشتراط الشهرة بالطلب في الراوي (١)، وهو التأكد من ضبط الراوي لما رواه، فقال: "يستغنى بكثرة الطرق عن اعتبار الضبط التام.

قال شيخ الإسلام: ويمكن أن يقال: اشتراط الضبط يغني عن ذلك، إذ المقصود بالشهرة بالطلب أن يكون له مزيد اعتناء بالرواية لتركن النفس إلى كونه ضبط ما روى." (٢)

فإذا كان الراوي موصوفاً بجودة حفظه وضبطه، فهذا دليل عنايته بالرواية، وشهرته في طلبها، وإنّ اتصاف راوي الصحيح بالضبط أو بتمامه يُغني عن وصفه بالشهرة في الطلب.

وبتأمل تعريف الحاكم للصحيح في كتاب "معرفة علوم الحديث"، فإنه عرّف الصحيح بوجه عام، ولم يقيّد ذلك بما أخرجه الشيخان، واقتصر في تعريفه على اشتراط زوال وصف الجهالة من الصحابي راوي الحديث؛ وذلك بأن يروي عنه تابعيان عدلان ثم يتداوله أهل الحديث بالقَبول-أي: وفق شروطهم للصحيح أو المقبول بوجه عام- ولم يَرِد التنصيص بذكر نوع الشهرة - والتي هي قدر زائد عن مطلق الشهرة المخرجة عن الجهالة- في هذا التعريف، فقد اقتصر بقوله "صحابي زائل عنه اسم الجهالة" واكتفى


(١) ذكر ابن حجر في كتابه النكت أن من ضمن الشروط - التي تعارف عليها المحدثون- لإطلاق لقب الحافظ على الراوي، شهرته بالطلب والأخذ من أفواه الرجال لا من الصحف. ينظر: ابن حجر، النكت، ١/ ٢٦٨.
(٢) السيوطي، التدريب، ١/ ٦٨.

<<  <   >  >>