للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك ضعف لا يزول بنحو ذلك؛ لقوة الضعف وتقاعد هذا الجابر عن جبره ومقاومته. (١) وذلك كالضعف الذي ينشأ من كون الراوي متهما بالكذب، أو كون الحديث شاذا.

وهذه جملة تفاصيلها تدرك بالمباشرة والبحث، فاعلم ذلك، فإنه من النفائس العزيزة. والله أعلم." (٢)

وعقّب ابن حجر على ذلك بقوله: "لم يذكر للجابر ضابطا يعلم منه ما يصلح أن يكون جابرا أو لا، والتحرير فيه أن يقال: إنه يرجع إلى الاحتمال في طرفي القَبول والرد، فحيث يستوي الاحتمال فيهما فهو الذي يصلح لأن ينجبر، وحيث يقوى جانب الرد فهو الذي لا ينجبر.

وأما إذا رجح جانب القَبول فليس من هذا، بل ذاك في الحسن الذاتي، والله أعلم" (٣).

فيُفهم من ذلك أن ما يصلح للاعتبار من الأحاديث يُشترط فيها:

- ألا يكون ضعفها شديداً بحيث لا ينجبر هذا الضعف بمجيئه من طرق أخرى.

- وألا يكون المتابِع منحطاً عن هذه الدرجة، بل لابد من أن يكون المتابَع والمتابِع مما يصلح كلاهما للاعتبار، ويجبر كلا منهما ضعف الآخر.


(١) وقد مثّل ابن الصلاح لذلك بحديث: ((الأذنان من الرأس)) أخرجه أبو داود في سننه كتاب الطهارة، باب صفة وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم - ١/ ٣٣ ح (١٣٤)، والترمذي في سننه كتاب الطهارة، باب ما جاء أن الأذنين من الرأس ١/ ٩٣ ح (٣٧)، وابن ماجة في سننه كتاب الطهارة، باب الأذنان من الرأس.
وقال: "إنا نجد أحاديث محكوما بضعفها مع كونها قد رويت بأسانيد كثيرة من وجوه عديدة." ابن الصلاح، علوم الحديث، ٣٣.
وقد نُوزع رحمه الله في تمثيله بهذا، وتُعقّب عليه، ومن ذلك قول ابن حجر:
"إذا نظر المنصف إلى مجموع هذه الطرق علم أن للحديث أصلا، وأنه ليس مما يطرح، وقد حسنوا أحاديث كثيرة باعتبار طرق لها دون هذه - والله أعلم -"
ثم قال: "ينبغي أن يمثل في هذا المقام بحديث ((من حفظ على أمتي أربعين حديثا)) - أخرجه ابن حبان في المجروحين من حديث ابن عباس ١/ ١٣٤، ومن حديث أبي الدرداء ٢/ ١٣٣، وابن عدي في الكامل في الضعفاء من حديث ابن عباس ٣/ ٤٣٦، ومن حديث أبي هريرة ٦/ ٢٥٧، ٧/ ٤٥٤ -
فقد نقل النووي اتفاق الحفاظ على ضعفه مع كثرة طرقه- والله أعلم -." ابن حجر، النكت، ١/ ٤١٥.
(٢) ابن الصلاح، المرجع السابق ٣٤.
(٣) ابن حجر، النكت، ١/ ٤٠٩.

<<  <   >  >>