للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العمل به على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل، ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح." (١)

وبالنظر إلى اشتراط هذا القيد في حد الحديث الحسن:

- فإن الترمذي حين عرّف الحسن عنده لم يُصرّح بنفي العلة، واكتفى بنفي الشذوذ، وهو نوع من العلل الخفية، والذي يُقاس عليه ما يشبهه من أنواع الضعف الشديد غير المنجبر، فيُفهم من ذلك اشتراطه نفي ما يُعِلُّ الحديث ويضعفه بما لا ينجبر بمجيئه من طريق آخر (٢)؛ خاصة وأن الترمذي "إمام من أئمة نقد الحديث وبيان علله، ولا يمكن أن يُحسِّن حديثاً فيه علة يعلمها" (٣).

- أما الخطابي فإن قوله: " (ما عرف مخرجه) يُخرِج المعلل، فإنه لم يعرف مخرجه" (٤)، وتبعه الميانشي وزاد بقوله: "فإنه يحسن الاحتجاج به" والحديث المعلل يرده النقاد ولا يحتجون به.

وابن الجوزي اشترط أن يكون الضعف في الحديث محتملاً، والعلة تقدح في صحة الحديث فلا يُحتمل ضعفه.


(١) ابن الصلاح، المرجع السابق ٩٠.
(٢) أما الضعف المنجبر كرواية الضعيف بسبب سوء حفظه، أو غفلته أو خطئه، أو رواية من سمع من مُختلِط بعد اختلاطه، أو رواية مدلس قد عنعن، أو حديث فيه انقطاع في سنده، فقد ذكر ابن حجر أمثلة لما وصفه الترمذي بالحُسن وهو من هذا القبيل.-سبق ذكرها في قيد المعاضدة- ينظر: ابن حجر، النكت، ١/ ٣٨٨ - ٣٩٩.
(٣) ينظر: السليماني، الجواهر، ٧٧، ولعل عدم تصريحه بنفي العلة في تعريفه للحسن؛ لأن مفهوم العلة يتّسع عند نقاد الحديث؛ ليشمل السبب القادح وغير القادح، والخفي والظاهر، والمنجبر وغير المنجبر، فاكتفى الترمذي بنفي الشذوذ؛ لكونه من العلل الخفية القادحة، والضعف الذي لا ينجبر، ويُقاس عليه مثله من الضعف غير المنجبر، والله أعلم.
(٤) البقاعي، النكت، ١/ ٢٣٢.

<<  <   >  >>