وبالنسبة لغير الترمذي، واشتراطهم نفي الشذوذ في تعريف الحسن: فإن غالب التعريفات يدخل فيها ذلك إما نصاً أو مفهوماً، ويتردد فيها المعنى المراد بالشذوذ -بين التفرّد أو المخالفة- حسب السياق أو نوع الحسن -لذاته أو لغيره- الوارد به.
أما بالنسبة لاشتراط نفي النكارة في تعريفات الحسن: فإن ابن الصلاح قد صرّح في قسميّ الحسن بنفي النكارة تبعاً لنفي الشذوذ؛ لأن المنكر عنده بمعنى الشاذ.
أما ابن حجر فلم يتطرق لنفي النكارة في الحسن بقسميه بل اكتفى بنفي الشذوذ عن الحسن لذاته تبعاً لاشتراطه ذلك في الصحيح.
واشترط في الحسن لغيره أن يكون ضعفه منجبراً، وفي كلا القسمين- سواء في الحسن لذاته أو الحسن لغيره- لم يبلغ الراوي عنده من الضعف ما يستدعي نفي النكارة، لأن المنكر أشدّ ضعفاً عنده من الشاذ، والله أعلم.
- قيد السلامة من العلة:
إن اشتراط السلامة من العلة في تعريف الحديث الحسن سواء أُريد بها المعنى الاصطلاحي أو المعنى العام، فذلك متوجه إلى القسم الموسوم بالحُسن لذاته، والذي هو من أدنى مراتب الصحيح، ويُشكل اشتراط ذلك في الحسن لغيره، إذ أنه من الضعيف المُنجبر، والعلة في الاصطلاح إنما تتطرق للأحاديث التي ظاهرها الصحة، والحديث هنا ضعيف جُبر بالمتابعة والمعاضدة بمثله، والمعاضدة قد تقوي الحديث الضعيف قوة لا تخرجه من حيّز الضعف عند بعضهم؛ لكن قد يوجّه مرادهم بنفي العلة في هذا القسم بأن العلة المنفية هي: الضعف الشديد غير المنجبر، وممن صرّح بهذا الشرط في تعريفه للحسن (لذاته ولغيره) ابن الصلاح - على الراجح- وابن جماعة، والطيبي، والسخاوي، أما ابن حجر فقد اشترطه في الحسن لذاته، وتبعه الشمني.
أما من جاء قبل ابن الصلاح فلم يُصرّحوا بهذا الشرط في تعريفهم للحديث الحسن، وإنما فُهم ذلك ضمناً من شروطهم الأخرى.