للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٢ - أو يكون خفيا (١) فلا يدركه إلا الأئمة الحذاق المطلعون على طرق الحديث، وعلل الأسانيد.

فالأول: وهو الواضح، يدرك بعدم التلاقي بين الراوي وشيخه، بكونه لم يدرك عصره، أو أدركه لكن، لم يجتمعا، وليست له منه إجازة (٢)، ولا وجادة (٣).

ومن ثم، احتيج إلى التاريخ؛ لتضمنه تحرير مواليد الرواة ووفياتهم، وأوقات طلبهم وارتحالهم، وقد افتضح أقوام ادعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتاريخ كذب دعواهم.

والقسم الثاني: وهو الخفي: المدلَّس -بفتح اللام- سمي بذلك لكون الراوي لم يُسمِّ من حدثه، وأوهم سماعه للحديث ممن لم يحدثه به.

واشتقاقه من الدَلَس بالتحريك، وهو اختلاط الظلام، سمي بذلك لاشتراكهما في الخفاء" (٤).

فالسقط في الإسناد نوعان - كما ذكر ابن حجر-: سقط ظاهر، وسقط خفي، وهناك من عدَّ وجود راوٍ مبهم في السند نوع انقطاع (٥)؛ والتعبير بنفي الاتصال يشمل ذلك كله سواء


(١) السقط الخفي: وهو ما لا يعرفه إلا الحذّاق المطلعون على طرق الحديث وعلل الأسانيد. تفرّع عنه نوعان من الحديث الضعيف، وهما: المدلَّس، والمرسَل الخفي. الخيرآبادي، المرجع السابق، ٧٢. ينظر: الخضير، المرجع السابق ٩٨.
(٢) الإجازة عند المحدثين تُعدّ قسم من أقسام نقل الحديث وتحمّله عن الشيوخ: وهي الإذن بالرواية أو التحديث لفظاً أو كتابة، ولها أنواع متعددة، واختلف النقاد في قَبول بعضها. للاستزادة ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ١٥٣، ابن الملقن، المقنع، ١/ ٣١٤، السخاوي، فتح المغيث، ٢/ ٢١٩، الأعظمي، المعجم، ٨.
(٣) الوِجادة: وهي أيضاً من أقسام تحمّل الحديث ونقله، ومثالها كما ذكره ابن الصلاح: "أن يقف على كتاب شخص فيه أحاديث يرويها بخطه، ولم يلقه، أو لقيه، ولكن لم يسمع منه ذلك الذي وجده بخطه، ولا له منه إجازة، ولا نحوها. فله أن يقول (وجدت بخط فلان، أو قرأت بخط فلان، أو في كتاب فلان بخطه أخبرنا فلان بن فلان) ويذكر شيخه، ويسوق سائر الإسناد، والمتن. أو يقول: (وجدت، أو قرأت بخط فلان عن فلان)، ويذكر الذي حدثه ومن فوقه". ابن الصلاح، علوم الحديث، ١٧٨، للاستزادة ينظر: ابن الملقن، المقنع، ١/ ٣٣٤، ابن حجر، النزهة، ١٦٠، الأعظمي، المعجم، ٥٢٢.
(٤) ابن حجر، النزهة، ١٠٣.
(٥) ذكر الحاكم في كتابه معرفة علوم الحديث تحت نوع المنقطع أنه على أنواع منها: "قد يروى الحديث، وفي إسناده رجل غير مسمى، وليس بمنقطع". الحاكم، علوم الحديث، ٢٨، ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ٥٧.
قال العلائي: "والتحقيق أن قول الراوي عن رجل ونحوه متصل ولكن حكمه حكم المنقطع لعدم الاحتجاج به" العلائي، جامع التحصيل، ٩٦.

<<  <   >  >>