للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الموصول المسند، لأن روايتهم عن الصحابة (١)، والجهالة بالصحابي غير قادحة، لأن الصحابة كلهم عدول، والله أعلم." (٢)

والنوع الثالث من السقط الظاهر في السند هو المنقطع، وتعريفه في اللغة: القطع ضد الوصل (٣)، واصطلاحا: عرّفه ابن عبدالبر فقال: "المنقطع عندي كل ما لا يتصل سواء

كان يُعزى إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - أو إلى غيره" (٤)، وتعريفه يمثّل مذهب المتقدمين من حيث شمول لفظ المنقطع عندهم لكل أنواع السقط في الإسناد سواء من أوله أو وسطه أو آخره.

وقد أشار إلى ذلك ابن الصلاح في مقدمته حين اختصر أقوال من سبقه في بيان معاني المنقطع فقال: "أن المنقطع: منه الإسناد فيه قبل الوصول إلى (التابعي) (٥) راو لم يسمع من الذي فوقه، والساقط بينهما غير مذكور، لا مُعينا ولا مُبهما، ومنه الإسناد الذي ذُكِر


(١) تعقّب العراقي ابن الصلاح فقال: "قوله (لأن روايتهم عن الصحابة) ليس بجيد، بل الصواب أن يقال: لأن أكثر رواياتهم عن الصحابة، إذ قد سمع جماعة من الصحابة من بعض التابعين."
وقد استدرك ابن حجر على ما ذكره العراقي فقال: " قلت: وهو تعقب صحيح، لكن ألزم بعض الحنفية من يَردُّ المرسل بأنه يلزم على أصلهم عدم قبول مراسيل الصحابة - رضي الله عنهم - وتقرير ذلك أنه إذا لم يُعلَم أنه سمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - احتمل أن يكون سمعه منه، أو من صحابي آخر، أو من تابعي ثقة، أو من تابعي ضعيف، فكيف يجعل حجة والاحتمال قائم؟
والانفصال عن ذلك أن يقال: قول الصحابي: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ ظاهر في أنه سمعه منه أو من صحابي آخر، فالاحتمال أن يكون سمعه من تابعي ضعيف نادرا جدا لا يؤثر في الظاهر، بل حيث رووا عن من هذا سبيله بينوه وأوضحوه.
وقد تتبعت روايات الصحابة - رضي الله عنهم - عن التابعين وليس فيها من رواية صحابي عن تابعي ضعيف في الأحكام شيء يثبت، فهذا يدل على ندور أخذهم عن من يضعف من التابعين، والله أعلم". ينظر: العراقي، التقييد، ٧٥، ابن حجر، النكت، ٢/ ٥٧٠.
(٢) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٥٦.
(٣) ابن سيده، المحكم، ١/ ١٦٢، ابن منظور، اللسان، ٨/ ٢٧٩.
(٤) ابن عبدالبر، التمهيد، ١/ ٢١.
(٥) قال المحقق نور الدين عتر في هامش تحقيقه: "الصواب (الصحابي) ... لكن السهو وقع من الحاكم، وسرى إلى ابن الصلاح"، وهو ما ذهب إليه كذلك محقق المعرفة - ط دار ابن حزم- فقد استدرك على الحاكم قصره التعريف على المروي عن التابعي، وصوّب أن يُعمم التعريف في كل ما أُسند إلى قائل. ينظر: ابن الصلاح، علوم الحديث، ٥٧، الحاكم، علوم الحديث، ١٧٣ ط دار ابن حزم بتحقيق السلوم.

<<  <   >  >>