للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهو أن يصرح بالتحديث في شيخ له ويعطف عليه شيخا آخر له ولا يكون سمع ذلك من الثاني (١) " (٢)

والرواة المدلسون مراتب وطبقات، فمنهم من يُدلس عن الثقات ومنهم من يُدلِّس عن الضعفاء، وحكم رواية المُدلِّس تختلف باختلاف طبقته ومرتبته فمنهم من يُحتمل تدليسه، ومنهم من يُردّ، ومنهم من يُقبل تدليسه إذا صرّح بالسماع. (٣)

نخلص مما سبق:

أن السقط في الإسناد نوعان: سقط ظاهر، وسقط خفي، وعدّ بعضهم وجود راوٍ مبهم في السند نوع انقطاع؛ لذا كان التعبير بنفي الاتصال يشمل كل ما يُعلّ به الحديث في سنده من حيث السقط الظاهر أو الخفي، وسواء كان الساقط واحداً أو متعدداً، متفرقاً، أو متتالياً، وسواء كان السقط في أوّل الإسناد أو وسطه أو آخره، فإن انقطاع السند يطعن في صحته ... وذلك للجهالة بحال الراوي الساقط من السند، وكلما كان احتمال كون الساقط عدلا كما في المرسل -مرسل كبار التابعين؛ لأنهم يروون في الغالب عن الصحابة- كلما خفّ ضعفه وكان قابلاً للانجبار، بينما إذا تعدد الساقط ازداد الأمر غموضاً واشتد ضعف الإسناد كما في المعضل، والله أعلم.


(١) "تدليس العطف وهو: أن يروي عن الشيخين من شيوخه ما سمعاه من شيخ اشتركا فيه، ويكون قد سمع ذلك من أحدهما دون الآخر، فيصرح عن الأول بالسماع ويعطف الثاني عليه، فيوهم أنه حدث عنه بالسماع - أيضا - وإنما حدث بالسماع عن الأول، ثم نوى القطع فقال: فلان أي حدث فلان.
مثاله: ما رويناه في "علوم الحديث" للحاكم قال:
"اجتمع أصحاب هشيم فقالوا: لا نكتب عنه اليوم شيئا مما يدلسه. ففطن لذلك، فلما جلس قال: حدثنا حصين ومغيرة عن إبراهيم، فحدث بعدة أحاديث فلما فرغ قال: هل دلست لكم شيئا؟
قالوا: لا فقال: بلى كل ما حدثتكم عن حصين فهو سماعي، ولم أسمع من مغيرة من ذلك شيئا؟ " ابن حجر، النكت، ٢/ ٦١٧. ينظر: الحاكم، علوم الحديث، ١٠٥.
(٢) ابن حجر، طبقات المدلسين، ١٦.
(٣) سبق بيان مراتب المدلسين في قيد نفي التدليس في فصل الحديث الصحيح، ينظر: العلائي، جامع التحصيل، ١١٣ - ١١٤، ابن حجر، طبقات المدلسين، ١٣ - ١٤، القريوتي، الإرسال والتدليس، ٤٧ - ٤٨.

<<  <   >  >>