للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وفي الاصطلاح: اجتهد أحد الباحثين بتعريفها فقال: "هي أن يروي الرواة عن شيخهم حديثاً ما، فيقع بينهم تغاير في سياق إسناده أو متنه" (١).

والمراد بها: مخالفة الراوي - سواء كان ثقة أو ضعيف- لمن هو أرجح منه، فإن كان المُخالِف ثقة سُمِّي حديثه في اصطلاح المتأخرين شاذاً، وإن كان المُخالِف ضعيفاً سُمِّي

حديثه منكراً. (٢) قال ابن حجر: "وأما المخالفة وينشأ عنها الشذوذ والنكارة، فإذا روى الضابط والصدوق شيئا، فرواه من هو أحفظ منه أو أكثر عددا بخلاف ما روى بحيث يتعذر الجمع على قواعد المحدثين فهذا شاذ، وقد تشتد المخالفة أو يضعف الحفظ فيحكم على ما يخالف فيه بكونه منكرا." (٣)

ومخالفة الثقات في الإسناد والمتن يكون على أنحاء متعددة، من تغيير سياق الإسناد أو زيادة راوِ فيه، أو تقديم أو تأخير، أو دمج موقوف بمرفوع وما إلى ذلك من أنواع المخالفة. (٤)


(١) "سبب هذا التغاير في بعض الأحيان، كثرة طرق هذا الحديث واتساع الشيخ في الرواية، وأحياناً يكون سببه الوهم والغلط. وتكثر المخالفة وتقل حسب كثرة تلاميذ الشيخ وقلتهم، فكلما كثر أصحابه وتلاميذه كثر الاختلاف في حديثه، وكلما قلّ أصحابه وتلاميذه قلّ الاختلاف في حديثه، وهذا راجع إلى اختلاف مراتبهم في الضبط والإتقان وطول الملازمة للشيخ أو قلتها". أبو بكر كافي، منهج الإمام البخاري في تصحيح الأحاديث وتعليلها، ٢٥٩.
(٢) ينظر: ابن حجر، النزهة، ٨٧، الخيرآبادي، المعجم، ١٣٤.
هذا هو اختيار ابن حجر؛ وإلا فإن ابن الصلاح، ومن وافقه، عندهم الشاذ والمنكر بمعنى واحد، وقد سبقت الإشارة في الفصول السابقة لمعنى الشذوذ والنكارة، وسيأتي تفصيل كل مصطلح في الفصل الخاص به بإذن الله.
مثال الراوي الموصوف بالمخالفة: " أشعث بن براز الهجيمي، كنيته أبو عبد الله، من أهل البصرة، يروي عن: قتادة وعلي بن زيد، روى عنه: زيد بن حباب، ومسلم بن إبراهيم، يخالف الثقات في الأخبار، ويروي المنكر في الآثار حتى خرج عن حد الاحتجاج به." ابن حبان، المجروحين، ١/ ١٧٣.
(٣) ابن حجر، هدي الساري، ٣٨٤.
(٤) ينظر: ابن حجر، النزهة، ١١٤ - ١١٩.

<<  <   >  >>