للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

"مثال ما وقعت العلة في الإسناد ولم تقدح مطلقا: ما يوجد مثلا من حديث مدلس بالعنعنة، فإن ذلك علة توجب التوقف عن قبوله فإذا وجد من طريق أخرى قد صرح بالسماع تبين أن العلة غير قادحة.

وكذا إذا اُختلف في الإسناد على بعض رواته، فإن ظاهر ذلك يوجب التوقف عنه، فإن أمكن الجمع بينهما على طريق أهل الحديث بالقرائن التي تحف الإسناد تبين أن تلك العلة غير قادحة.

٢ - ومثال ما وقعت العلة فيه في الإسناد وتقدح فيه دون المتن ما مثل به المصنف من إبدال راو ثقة براو ثقة وهو بقسم المقلوب (١) أليق، فإن أبدل راو ضعيف براو ثقة

وتبين الوهم فيه استلزم القدح في المتن- أيضا- إن لم يكن له طريق أخرى صحيحة." (٢)

والعلة أنواع وأجناس متعددة ذكر الحاكم منها عشرة أجناس للعلة على سبيل التمثيل لا الحصر (٣).

وقال ابن الصلاح: "ثم اعلم أنه قد يُطلَق اسم العلة على غير ما ذكرناه من باقي الأسباب القادحة في الحديث المخرجة له من حال الصحة إلى حال الضعف، المانعة من العمل به، على ما هو مقتضى لفظ العلة في الأصل (٤)، ولذلك تجد في كتب علل الحديث الكثير من الجرح بالكذب، والغفلة، وسوء الحفظ، ونحو ذلك من أنواع الجرح. (٥) ... ثم إن بعضهم أطلق اسم العلة على ما ليس بقادح من وجوه الخلاف، نحو


(١) "وحقيقة القلب تغيير من يُعرَف برواية ما بغيره عمدا أو سهوا." السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٣٣٥، وسيأتي بيانه وتفصيله وذكر أنواعه -بإذن الله- في الفصل الخاص بالحديث المقلوب.
(٢) ابن حجر، النكت، ٢/ ٧٤٧.
(٣) ينظر أمثلة على أجناس العلل: الحاكم، علوم الحديث، ١١٣ - ١١٩، ويأتي بشيء من التفصيل في الفصل الخاص بالحديث المعلل.
(٤) "وبعض العلماء يقيد العلة القادحة بالخفية، وليس معنى هذا أن الظاهرة لا تقدح في صحة الحديث ولكنها تخرج بشرط الاتصال." أبو شهبة، الوسيط، ٢٢٩، وبالشروط الأخرى لصحة الحديث كعدالة الرواة وضبطهم.
(٥) قال: "وسمى الترمذي النسخ علة من علل الحديث". تعقّبه العراقي فقال: "إن أراد الترمذي أنه علة في العمل بالحديث، فهو كلام صحيح فاجنح له، أي مِلْ إلى كلامه، وإن يُرد أنه علة في صحة نقله، فلا؛ لأن في الصحيح أحاديث كثيرة منسوخة" العراقي، شرح التبصرة، ١/ ٢٩٠، ينظر كذلك: ابن حجر، النكت، ٢/ ٧٧١.

<<  <   >  >>