للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وُجِدت العدالة وحدها دون الضبط قُبِل حديثه لعدالته، وتوقّف فيه لعدم ضبطه، على شاهدٍ منفصل يجبر ما فات من صفة الضبط، وإن وُجِد فيه الضبط دون العدالة لم يُقبل حديثه، لأن العدالة هي الركن الأكبر في الرواية." (١)

- ولعل ما مرّ في فصل الحسن من بيان درجات رواته (٢)، وتقسيمه إلى قسمين، أحدهما يحسُن لذاته، بينما الآخر في أصله ضعيف اكتسب الحُسن بتعدد طرقه، هو الذي حدا ببعضهم إلى اعتبار انتفاء العاضد في الضعيف القابل للانجبار، شرطاً من شروط الضعيف ضعفاّ خفيفاً قابلاً للانجبار؛ إذ أن انتفاء العاضد يجعل الحديث الضعيف باقياً على حاله من الضعف؛ لذا تم إدراجه ضمن أسباب ضعف الحديث وعدم تقويته.

وينبغي التنبه إلى أن مسببات الضعف في الحديث تتراوح في تأثيرها على ضعف الحديث خفّةً وشدّةً، ويُضاف إلى ذلك تفرّد سبب الضعف أو تعدد الأسباب في الحديث الواحد مما يؤثر بالتالي على قابلية هذا الضعف للانجبار والتقوّي بالمعاضدة أو عدم قابليته.

- ومن أنواع الضعيف الذي لا ينجبر (٣):


(١) ابن الملقن، المقنع، ١/ ٩٦. ينظر: الزركشي، النكت، ١/ ٩٩.
"لعلماء الجرح والتعديل ألفاظ في جرح الرواة تجعلنا نقسم الحديث الضعيف إلى أربعة أقسام:
١ - ضعيف ضعفاً يسيراً، كقولهم: فلان فيه لين، أو ليّن.
٢ - ضعيف ضعفاً متوسطاً، كقولهم: فلان ضعيف، فلان كثير الغلط.
٣ - ضعيف ضعفاً شديداً، كقولهم: تالف، هالك.
٤ - هو الذي يطلقون فيه على الراوي صفة الكذب والوضع.
والضعف اليسير والمتوسط يكون بسبب شيء في ضبط الراوي، أما الضعف الشديد، فقد يكون بسبب الطعن في عدالته، وقد يكون بسبب خلل شديد في ضبطه، بأن تكون أوهامه كثيرة عدداً أو فاحشة معنى." محمد عوّامة، حكم العمل بالحديث الضعيف بين النظرية، والتطبيق، والدعوى، ٣٢.
(٢) "آخر مراتب الحسن هي أول مراتب الضعيف". الذهبي، الموقظة، ٣٢.
(٣) "ميز المحدثون بين مراتب الضعف الناشئ من القدح في رجاله، فهناك الضعف الذي يقبل التقوية وهذا يسمونه ضعيفا أيا كان سبب ضعفه، وهناك الضعف الشديد الذي لا ينجبر وهذا يطلقون عليه أيضا الضعيف ويؤخذ من تعابيرهم تمييزه كقولهم ضعيف جدا. أو فيه فلان متروك أو متهم. إلا أن كثيرا من المحدثين ميزوا بعض حالات الضعيف بألقاب خاصة بها هي: (المنكر، المتروك، المطروح) ندرسها فيما يلي: واتفقوا على تمييز الضعف الأخس وهو الكذب المختلق بلقب خاص هو (الموضوع)." عتر، منهج النقد، ٢٨٩ - ٢٩٠،
وإطلاق لقب (حديث ضعيف) صالح أن يكون لأي من السببين، -أي: الضعف الشديد، أو الضعف الخفيف- وإن كان يوهم خفة الضعف أحياناً، فيشكل إطلاقه على (المنكر) و (الموضوع) مثلاً.
ينظر: الجديع، التحرير، ٢/ ٩٠٥ - ٩٠٦، الخيرآبادي، المعجم، ٨٩.
ويُفهم من ذلك أن الحديث الذي فيه ضعف يمكن انجباره يدخل تحت مسمى الأحاديث الضعيفة، بينما الشديد الضعف الذي لا ينجبر له في العادة مسميات خاصة منها: المنكر، المتروك، المطروح، الموضوع.

<<  <   >  >>