للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تعريف صالح جزرة (١) (ت ٢٩٤ هـ)

قال الحافظ صالح بن محمد الأسدي المعروف بجزرة: "الحديث الشاذ: الحديث المنكر الذي لا يُعرف" (٢).

تعريف الحاكم النيسابوري (ت ٤٠٥ هـ):

ذكر الحاكم تحت النوع الثامن والعشرين تعريف الشاذ فقال: "الشاذ حديث يتفرد به ثقة من الثقات، وليس للحديث أصل متابع لذلك الثقة". (٣)


(١) صالح بن محمد بن عمرو بن حبيب السدي، يكنى أبا علي، ويلقب جزرة، وكان حافظا عارفا من أئمة الحديث، وممن يرجع إليه في علم الآثار، ومعرفة نقلة الأخبار. مات سنة ٢٩٣ هـ. ينظر: الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ٩/ ٣٢٢ - ٣٢٨ (٤٨٦٢)، الذهبي، السير، ١٤/ ٢٣ - ٣٣ (١٢)،
(٢) الخطيب البغدادي، الكفاية، ١٤١.
تعريفه الشاذ بالمنكر الذي لا يُعرف، أي الشاذ في مقابلة المعروف عند الأئمة، يترتب عليه أن الشاذ والمنكر عنده بنفس المعنى، وقال الدكتور أبو سمحة: "قوله (لا يُعرف) إما بتفرّد أو مخالفة الراوي". بينما كان للدكتور عبدالجواد حمام رأي آخر حيث قال شارحاً لتعريف الحافظ صالح جزرة: "يلاحظ في عبارته: ... أن الوصف المؤثر في الشاذ هو كون الحديث منكراً غير معروف، أي عدم معرفة الحفاظ له؛ على سعة اطلاعهم، وإحصائهم للرواة والمرويات، وعدد الروايات المروية بكل سند تقريباً، فكونه خارجاً عن محفوظاتهم، غريباً عليهم، هو الذي أثر في وصفه بالشذوذ. -أنه لم يذكر في الشاذ وصف المخالفة. - أنه إنما يتكلّم عن الشاذ في معرض الذم والقدح." المراجع: أبو سمحة، الحديث المنكر، ١٥٢، حمام، التفرد، ٣٤٣.
(٣) وذلك بعد أن قال: "معرفة الشاذ من الروايات، وهو غير المعلول، فإن المعلول ما يوقف على علته، أنه دخل حديثٌ في حديث، أو وهم فيه راو أو أرسله واحد، فوصله واهم". الحاكم، علوم الحديث، ١١٩.
قال ابن الأثير موضحاً ما ذهب إليه الحاكم بقوله: "وربَّ حديث شاذ انفرد به الثقة، إلا أنه لا أصل له، ولا يتابع عليه، فيخالف فيه الناس، ولا يعرف له علة يعلل بها، فإن الحديث المعلل: هو ما عُرفت علته، فذكرت، ... والشاذ: ما لا يعرف له علة." ابن الأثير، جامع الأصول، ١/ ١٧٧.
يقول الدكتور نورالدين عتر في تحقيقه لشرح علل الترمذي: "وثمة تحقيق جديد في مراد الحاكم بالشاذ، هو أنه نوع دقيق من المعلل، قد أُعلَّ بأمر دقيقٍ من التفرد، هو أعمق من ظاهر معنى التفرد، فهو نوع من المعلل ينقدح في نفس الناقد تعليله، وقد تقصر عبارته عن الإفصاح به، لكون علته ليست من نوع العلل المعروفة، كوصل حديث مرسل، أو وهم راو، أو دخول حديث في حديث.
وهذا ما تفيده عبارة الحاكم، وتدل عليه الأمثلة التي ذكرها للشاذ، وهو أن الشاذ نوع من الحديث الفرد، يقع رجاله في السند على نسق فريد لم يُعرف في سياق أسانيد الأحاديث غير سياق الحديث المحكوم عليه بالشذوذ، وكذلك المتن. وذلك يُشعر بوقوع خلل في الحديث وإن كنا لا نستطيع بيان هذا الخلل وتعيينه ما هو؟ ". ينظر: ابن رجب، شرح العلل، ١/ ٤٥٩ - ٤٦٠.
"أي: أن للحديث الشاذ عند الحاكم شرطين:
١ - تفرد ثقة.
٢ - ينقدح في نفس الناقد أنه غلط. وبهذا إذا كان هناك حديث فرد ولم ينقدح في نفس الناقد أنه غلط فهو حديث صحيح لا شيء فيه عند الحاكم. الأثري، الأقوال الراجحات في الحديث الشاذ وزيادة الثقات، ٤١.

<<  <   >  >>