للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

سبق من الأمثلة، وإن لم يكن ممن يُوثَق بحفظه وإتقانه لذلك الذي انفرد به كان انفراده به خارماً له، مُزحزحاً له عن حيز الصحيح (١).

ثم هو بعد ذلك دائر بين مراتب متفاوتة بحسب الحال فيه، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفردُه استحسنا حديثه ذلك (٢)، ولم نحطَّهُ إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيدا من ذلك رددنا ما انفرد به (٣)، وكان من قبيل الشاذ المنكر." (٤)

وقد فصّل وذكر أنواع التفرد الحاصلة من الرواة في روايتهم، وأثر مرتبة الراوي من الضبط والإتقان في قبول روايته أو ردّها، ثم خلص - رحمه الله- إلى أن جعل الشاذ على قسمين، فقال: "الشاذ المردود قسمان: أحدهما: الحديث الفرد المخالف.


(١) "ومثال ما رواه غير الموثوق بحفظه وإتقانه منفردا به: حديث ابن عباس في التقاء الخضر وإلياس كل عام. قال الدارقطني: "لم يحدث به غير الحسن ابن رزين عن ابن جريج عن عطاء عنه". قلت: وهو صاحب مناكير." ابن الملقن، المرجع السابق، ١/ ١٧٠ - ١٧١. والقصة أخرجها ابن الجوزي في الموضوعات ١/ ١٩٥ -
(٢) "ومثال المتفرد الذي هو غير بعيد من درجة الحافظ الضابط، وتفرده حسن: حديث واثلة مرفوعا: ((المرأة تحوز ثلاثة مواريث)) رواه ابن ماجة -في سننه كتاب الفرائض، باب تحوز المرأة على ثلاث مواريث ٢/ ٩١٦ ح (٢٧٤٢)، والترمذي في سننه كتاب الفرائض، باب ما جاء في ما يرث النساء من الولاء ٣/ ٥٠٠ ح (٢١١٥) - وقال: "حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب على هذا الوجه". ابن الملقن، المرجع السابق، ١/ ١٧٦ - ١٧٧.
(٣) مثال البعد من درجة الحافظ الضابط المقبول: حديث أبي سعيد الخدري في الدعاء بعد الوضوء بـ ((سبحانك اللهم وبحمدك)) - أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب فضائل القرآن ١/ ٧٥٢ ح (٢٠٧٢)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه- قال الدارقطني: "تفرد به عيسى بن شعيب". ابن الملقن، المرجع السابق، ١/ ١٧١ - ١٧٦.
(٤) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٨ - ٧٩.
قال البقاعي: "ليس في هذا التفصيل من الشاذ إلا ما قاله أولا، وهو الذي عرف به الشافعي، وأما الثاني: فهو صحيح غريب، وأما الثالث: فهو حسن لذاته غريب، وأما الرابع: فإنه ضعيف إذا أتى ما يجبره صار حسنا لغيره، وتسميته له شاذا نظرا إلى محض التفرد، فهو نظر لغوي." البقاعي، النكت، ١/ ٤٦٥.

<<  <   >  >>