ابن القيم وأشار إلى أن تفرّد الثقة بما لم يروه غيره ليس شذوذاً، وإن سُمّي شذوذاً فهو من باب الاصطلاح الذي لا يوجب رد الحديث به، والنووي في كتابه المجموع، وابن كثير صوّبه كذلك، واقتصر ابن الملقن على ذكره - دون سواه - في كتابه (التذكرة)، واعتمده ابن حجر كتعريف للشاذ غير أنه توسّع في صفة الراوي المخالِف ليشمل الثقة والصدوق، ومثّل له بما وافق معناه، وسار على نهج شيخه السخاوي وتبعه السيوطي إلا أن السخاوي زاد قيداَ - في التعريف- وهو: عدم إمكانية الجمع بين الروايات المختلفة، ومثلوا للشاذ بأمثلة تؤيد المذهب القائل بأن الشذوذ مخالفة الراوي (الثقة أو الصدوق) لمن هو أولى منه، سواء كانت هذه المخالفة في الإسناد أو في المتن.
- وأما من قال بأن المراد بالشذوذ هو التفرّد:
الإمام الحاكم وتبعه تلميذه الخليلي في ذلك مع اختلاف يسير بينهما إذ قيّد الحاكم الشذوذ بتفرد الثقة، بينما أطلقه الخليلي ليعم الثقة وغيره، هذا بشكل عام إلا أن المتأمل لسياق كلام كلٌ منهما وأمثلته يتضح له أمور من ذلك:
- أن الحاكم لا يَعُدُّ كل حديث يتفرّد به الثقة شذوذاً مردوداً، بل يشترط له ضمناً أن ينقدح في ذهن الناقد أن هذا التفرد غلط، وقد تقصر عبارة الناقد عن بيانه، وهذا هو الفرق بين الشاذ والمعلل عند الحاكم، - وصرّح به ابن الأثير من فهمه لكلام الحاكم- بكون المعلل وُقِف على علته، بينما الشاذ لم يوقف على علته.
- وقد مثّل الحاكم للشاذ - في كتابه معرفة علوم الحديث- بثلاث أمثلة:
المثال الأول والثاني مُطابق لما ذكره الحاكم عن الحديث الشاذ، ففيه تفرّد أعلّه النقاد، وإن لم تظهر له علته بدايةً، أما المثال الثالث: فيصدق عليه وصف الغريب الصحيح، وعُدّ إطلاقه لفظ الشذوذ عليه إطلاقاً لفظياً.