للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وضع حداً للمنكر- بين مؤيد لذلك (١)، ومتعقّب (٢)، ومنهم من توسّط بين الأمرين (٣). إلا أنني أتجاوز هذا الخلاف، وأذكر ما وجدت من عبارات الأئمة في بيان كل نوع حديثي من الأنواع أو المصطلحات التي يتضمّنها حدود البحث، ومن تلك العبارات أو التعريفات التي جاءت في بيان مصطلح المنكر ما يلي:

تعريف مسلم (ت ٢٦١ هـ):

قال الإمام مسلم - رحمه الله-: "وعلامة المنكر في حديث المحدث، إذا ما عُرِضت روايته للحديث على رواية غيره من أهل الحفظ والرضا، خالفت روايته روايتهم، أو لم تكد

توافقها (٤)، فإذا كان الأغلب من حديثه كذلك كان مهجور الحديث، غير مقبوله، ولا مستعمله". (٥)


(١) وقد استدل على ذلك بعدم ذكر ابن الصلاح لتعريف مسلم للمنكر، واقتصاره على تعريف البرديجي فقال مُعقّباً: "وكأنه لم يقف على تعريف للمنكر عند غيره! ... ومما يؤكد هذا الفهم أن الحافظ ابن رجب الحنبلي رحمه الله لما تعرّض للكلام عن المنكر ... نصّ على أن أول من وجده عرّف المنكر هو البرديجي ... فعلى هذا ليست عبارة مسلم تعريفاً عند ابن رجب؛ لأنه وقف عليها حتماً" ينظر: السلمي، الحديث المنكر، ٢٢.
(٢) مثل: الدكتور نور الدين عتر في تحقيقه لكتاب ابن رجب، حيث قال متعقِّباً لكلامه: "بلى، قد وقع في مقدمة مسلم ما يُبيّن تعريف الحديث المنكر ... ".
وكذلك العثمان في كتابه المحرر في مصطلح الحديث حيث قال: "وقد تكلّم الإمام مسلم رحمه الله في حد المنكر" ثم قال بعد نقله لكلام مسلم: "وهذا تعريف الإمام مسلم للمنكر وهو من المتقدمين، فحينئذ يكون قول الحافظ ابن رجب ... فيه نظر بيّن".
ويؤيد ما ذهبا إليه قول النووي في شرحه على صحيح مسلم: "هذا الذى ذكر، -أي: الإمام مسلم- رحمه الله هو معنى المنكر عند المحدثين". المراجع: ينظر: النووي، شرح مسلم، ١/ ١٨، ابن رجب، العلل، ١/ ٤٥٠، العثمان، المحرّر، ٢٣٥.
(٣) مثل: الدكتور عبدالجواد حمام في كتابه التفرد في رواية الحديث، حيث قال: "أقدم كلام حول الحديث المنكر وصلنا مفصّلاً. ينظر: حمام، التفرد، ٤١٨، ٤٢٣.
(٤) قال النووي: "هذا الذى ذكر - رحمه الله- هو معنى المنكر عند المحدثين" ... ثم قال: "وقوله (أو لم تكد توافقها) معناه: لا توافقها إلا في قليل". النووي، شرح مسلم، ١/ ١٧ - ١٨.
(٥) مسلم، صحيح مسلم، ١/ ٧.

<<  <   >  >>