للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس في راويه من الثقة والضبط ما يقع جابراً لما يوجبه التفرد والشذوذ من النكارة والضعف." (١)

تعريفات من جاء بعد ابن الصلاح:

لقد جعل ابن الصلاح الحديث المنكر مرادفاً للشاذ وبمعناه (٢)، وتابعه على هذا جُلُّ من جاء بعده، ولخّص كتابه:

كالنووي (ت ٦٧٦ هـ) (٣)، وابن دقيق العيد (ت ٧٠٢ هـ) (٤)، وابن كثير (ت ٧٧٤ هـ) حيث قال: "المنكر: وهو كالشاذ، إن خالف راويه الثقات فمنكر مردود، وكذا إن لم يكن عدلاً ضابطاً - وإن لم يخالف- فمنكر مردود.

وأما إن كان الذي تفرد به (عدلاً ضابطاً حافظاً ((٥) قُبِل شرعاً، ولا يقال له منكر، وإن قيل له ذلك لغةً" (٦).


(١) ابن الصلاح، علوم الحديث، ٧٩ - ٨٠، ثم أتبعه بذكر أمثلة لكل قسم، ويستنتج من تعريف ابن الصلاح أنه يَعدُّ مخالفة الراوي لمن هو أولى منه (سواء كان ثقة أو ضعيف) منكراً وشاذاً، أما بخصوص تفرد الراوي، فقد جعل النكارة والشذوذ خاصة بتفرّد الضعيف الذي هو دون رواة الصحيح والحسن في الضبط والإتقان، حيث أن المنكر عند ابن الصلاح نوعان، "وقوله في تعريف الحسن لذاته: (يرتفع عن حال من يُعدُّ ما ينفرد به من حديثه منكراً) احتراز من الضعيف، الذي تفرّده يُعدُّ منكراً، ثم اشترط بعد ذلك السلامة من الشذوذ والنكارة، وهو احتراز من النوع الثاني من الشاذ والمنكر، والناتج عن المخالفة". السليماني، الجواهر، ٨٢.
(٢) سبقه في التصريح بذلك- كما جاء في فصل الحديث الشاذ- الحافظ صالح جزرة حيث قال: "الحديث الشاذ: الحديث المنكر الذي لا يُعرف". الخطيب البغدادي، الكفاية، ١٤١.
(٣) ينظر: النووي، التقريب، ٤١، وفي شرحه لصحيح مسلم ذكر من أنواع الحديث الفرد أربعة منهما اثنان وصفهما بالشذوذ والنكارة، وهما: "فرد مخالف للأحفظ وفرد ليس في رواية من الحفظ والإتقان ما يجبر تفرده والله أعلم". النووي، شرح مسلم، ١/ ١٥٤.
(٤) حيث قال: "المنكر، وهو كالشاذ". ابن دقيق العيد، الاقتراح، ١٧.
(٥) هكذا في ط: غراس، ٥١، وط: دار المعارف، ١٨٣. وعقّب محققها في الحاشية: "في طبعة الشيخ شاكر: (عدلٌ ضابطٌ حافظٌ) مُخالفاً النسختين وقواعد اللغة".
(٦) ابن كثير، الاختصار، ٥١، فابن كثير يرى أن تفرد الضابط الحافظ مقبول، وليس بمنكر، وإن أُطلق عليه وصف النكارة فهو إطلاق لُغوي وليس اصطلاحي.

<<  <   >  >>