للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما ابن الملقن (ت ٨٠٤ هـ) فإنه لخّص كلام ابن الصلاح في كتابه (المقنع) (١) بينما اقتصر في كتابه (التذكرة) على تفرّد الضعيف، فقال: "هو ما تفرد به واحد غير متقن ولا مشهور بالحفظ." (٢)، واقتصاره هذا يوحي بتفريقه بين الشذوذ والنكارة، حيث خصّ معنى الشذوذ بمخالفة الثقة لغيره من الثقات (٣)، والنكارة بتفرّد الضعيف.

ولعل تلميذه ابن حجر (ت ٨٥٢ هـ) تبعه في ذلك حين صرّح بالتفريق بين الشاذ والمنكر. (٤)

فنجد أن ابن حجر حين عرّف المنكر قال في تنكيته على ابن الصلاح: "وأما ما انفرد المستور أو الموصوف بسوء الحفظ أو المضعف في بعض مشايخه دون بعض بشيء لا متابع له ولا شاهد فهذا أحد قسمي المنكر، وهو الذي يوجد في إطلاق كثير من أهل الحديث.

وإن خولف في ذلك، فهو القسم الثاني وهو المعتمد على رأي الأكثرين." (٥)

فذكر من أقسام المنكر تفرد الراوي الضعيف ضعفاً قابلا للانجبار، فهذا منكر عند كثير من أهل الحديث، فإن خالف - من هذه حاله- من هو أولى منه، فهذا ما يُطلق عليه المنكر عند الأكثرين، وهو ما اعتمده ورجّحه.


(١) ينظر: ابن الملقن، المقنع، ١/ ١٧٩ - ١٨٠.
(٢) ابن الملقن، التذكرة، ١٧.
(٣) إذ أن المقنع اختصار لعلوم الحديث لابن الصلاح، والتذكرة اختصار للمقنع. ينظر تعريفه للشاذ: المرجع السابق، ١٦.
(٤) حيث جمع بين الشاذ والمنكر في اشتراط المخالفة والتفرّد، وفرّق بينهما في مرتبة راوٍ كلٍّ منهما، فخصّ الشذوذ برواية الثقة، والمنكر برواية الضعيف. ينظر: ابن حجر، النزهة، ٨٧، ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٥، السخاوي، فتح المغيث، ١/ ٢٥٠.
(٥) ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٥.

<<  <   >  >>