للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال ابن حجر: "مذهب البرديجي أن المنكر هو الفرد سواء تفرد به ثقة أو غير ثقة" (١)، وقد استدرك موضّحاً ذلك - في تنكيته على ابن الصلاح- بقوله: "وهذا ينبغي التيقظ له،

فقد أطلق الإمام أحمد والنسائي وغير واحد من النقاد لفظ المنكر على مجرد التفرد، لكن حيث لا يكون المتفرد في وزن من يحكم لحديثه بالصحة بغير عاضد يعضده" (٢).

وبعبارة مشابهة نقل البقاعي عن شيخه ابن حجر قوله:

"ما أطلقه البرديجي موجود في كلام أحمد، فإنه يصف بعض ما تفرد به بعض الثقات بالمنكر، ويحكم على بعض رجال الصحيحين أن لهم مناكير، لكن يعلم من استقراء كلامه أنه لابد مع التفرد من أن ينقدح في النفس أن له علة، (٣) ولا يقوم عليها دليل على نحو ما تقدم عن الحاكم في الشاذ (٤)، ويؤيده قول مسلم (٥): إن المنكر أن يعمد الرجل إلى مثل الزهري في كثرة الأصحاب، فينفرد من بينهم عنه برواية حرف لا يوجد عند أحد منهم، فمثل هذا يقوم في النفس فيه ريبة لمجرد التفرد، وقد لا يقدر على التعبير عنها" (٦)


(١) ابن حجر، هدي الساري، ٤٥٥.
(٢) ابن حجر، النكت، ٢/ ٦٧٤، ينظر: البقاعي، النكت، ١/ ٤٦٧.
"فتأمل قول ابن حجر رحمه الله حيث قال: "حيث لا يكون المتفرد في وزن من يُحكم لحديثه بالصحة"؛ ولذلك لا يلتفت حذاق المحدثين إلى زيادات وأفراد من ليس في وزن من يُحكم بصحة حديثه" العثمان، المحرر، ٢٣٤.
(٣) "هناك من يُطلق القول بأن المتقدمين يطلقون النكارة على مجرد التفرد فقط، كاللكنوي، والتهانوي، وغيرهما، وهناك من الأئمة من قد يُفهم من كلامه أن القطان، وأحمد، والنسائي، والبرديجي، يريدون بإطلاق النكارة التفرد. والواقع أن من نظر في كلام هؤلاء وغيرهم من المتقدمين وجدهم يطلقون ذلك على الجرح الشديد، وعلى الخطأ والوهم، ويطلقون ذلك أيضاً على التفرد، والأصل في إطلاق الأئمة هؤلاء وغيرهم النكارة على الجرح لا مجرد التفرد، فلابد من التأني في الأمر، والله أعلم." السليماني، الجواهر، ٣٦٨ - ٣٦٩.
(٤) ينظر ما سبق ذكره من مذهب الحاكم في معنى الحديث الشاذ، وذلك في الفصل السابق.
(٥) ينظر: مسلم، الصحيح، ١/ ٧. وقد نقل البقاعي ما ذكره مسلم بتصرّف.
(٦) البقاعي، النكت، ١/ ٤٦٧.

<<  <   >  >>