للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مترادفان لغة واصطلاحا، إلا أن أهل الاصطلاح غايروا بينهما من حيث كثرة الاستعمال وقلته، فالفرد أكثر ما يطلقونه على الفرد المطلق، والغريب أكثر ما يطلقونه على الفرد النسبي، وهذا من حيث إطلاق الاسم عليهما، وأما من حيث استعمالهم الفعل المشتق فلا يفرقون، فيقولون في المطلق والنسبي تفرد به فلان، أو أغرب به فلان." (١)

وتراوح موقف بعض تلامذة ابن حجر بين التصريح بموافقته وترجيح مذهبه فيما ذهب إليه من ترادف الأفراد والغرائب كالسخاوي (٢)، وبين الإشارة إلى هذا المذهب دون ترجيح أو تعقيب كالبقاعي (٣)،

والأنصاري (٤)، وبين من جعل الغرائب قسماً خاصاً من أقسام الأفراد التي تضمه وتضم غيره - تبعاً لابن الصلاح- كالسيوطي (٥).


(١) ابن حجر، المرجع السابق، ٦٤ - ٦٦.
(٢) السخاوي، فتح المغيث، ٤/ ٣.
(٣) البقاعي، النكت، ٢/ ٤٣٧.
فالبقاعي ينقل عن شيخه ابن حجر، ولم يعقّب، ولعل عدم تعقيبه دليل موافقة لما أورده، فقد نقل عن شيخه بأن ابن منده خصّ الغريب برسم خاص عن باقي أنواع التفرد فقال - بعد تعريفه للغريب بالتفرّد المطلق-" أي: سواء كان انفراده بالنسبة إلى إمام يجمع حديثه كما قيده به ابن منده أولا ... فهو الغريب على ما حده به الأئمة، إلا ابن منده، وابن منده ما وقع به الانفراد من ذلك، فإنه حد الغريب منه، مخصص له بما انفرد به الراوي عن إمام يجمع حديثه، والحاصل أن التقدير: وابن منده خالف هذا الرسم، فحد الغريب بأنه: انفراد راو عن إمام يجمع حُديثه، وكان ابن منده يسمي الغريب في عرفنا فردا." ينظر: البقاعي، المرجع السابق باختصار.
(٤) الأنصاري، فتح الباقي، ٢/ ١٥٨. حيث قال عند شرحه لنوع الغريب: "وقد علم من كلام الناظم: أن الغريب عند غير ابن منده قسمان: مطلق، ونسبي، وهو على وزان الأفراد السابق بيانه في بابه، حتى قيل: إنه لا فرق بين البابين."
(٥) قال السيوطي في ألفيته- تحت نوع الأفراد:
" الْفَرْدُ إِمَّا مُطْلَقٌ مَا انْفَرَدَا .... رَاوٍ بِهِ فَإِنْ لِضَبْطٍ بَعُدَا
رُدَّ، وَإِذْ يَقْرُبُ مِنْهُ فَحَسَنْ .... أَوْ بَلَغَ الضَّبْطَ فَصَحِّحْ حَيْثُ عَنْ
وَمِنْهُ نِسْبِيٌّ بِقَيْدٍ يُعْتَمَدْ .... بِثِقَةٍ أَوْ عَنْ فُلانٍ أَوْ بَلَدْ
فَيَقْرُبُ الأَوَّلُ مِنْ فَرْدٍ وَرَدْ ... وَهَكَذَا الثَّالِثُ إِنْ فَرْدًا يُرَدْ "
ثم ذكر الأنواع التالية: "الغريب، والعزيز، والمشهور، والمستفيض، والمتواتر" وقال:
الأول المطلق فردا، ............. السيوطي، الألفية، ٢٣ - ٢٤.
قال الشارح: "والمعنى: أن الغريب هو الفرد المطلق الذي تقدم في الأفراد أنه ما رواه واحد فقط، .. " الأثيوبي، شرح أَلفيَّة السُّيوطي ١/ ٢٠٨.

<<  <   >  >>