للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فابن منده إنما خصّ الغريب بجزء مما استقرّ عليه تعريف الغريب عند ابن حجر ومن وافقه، وأن ما يتفرّد به الراوي عمن يروي عنه بشكل عام يعدّه ابن منده فرداً لا غريباً وإنما الغريب عنده خاص بما كان تفرداّ عن إمام يُجمع حديثه.

فالبقاعي وكذلك الأنصاري ينقلان عن شيخهما ابن حجر، ولم يعقّبا، ولعل عدم تعقيبهما دليل موافقة لما ذهب إليه من ترادف الفرد والغريب.

- وفي مقابل من اعتبر ترادف المصطلحين فهناك من فرّق بينهما، فأفرد كل نوع بتعريف مستقلّ:

- كابن الملقن، ويُشبه ظاهر تعريفه ما ذهب إليه ابن منده من التفريق بين الغريب والفرد، حيث جعل لكل منهما تعريفاً مستقلاً فقال- في كتابه التذكرة-: "الفرد: وهو ما تفرد به واحد عن جميع الرواة، أو جهة خاصة، كقولهم: (تفرد به أهل مكة)، ونحوه.

والغريب: وهو ما تفرد به واحد عن الزهري وشبهه ممن يُجمَع حديثه." (١)، وهو بذلك يُشير إلى أن الغريب نوع خاص من التفرّد. قال السخاوي شارحاً كلام ابن الملقن: " (والغريب: وهو ما تفرد به واحد عن الزهري وشبهه) كمالك (ممن يُجمع حديثه)

وحينئذ فهو والفرد النسبي سواء، بل هما مشتركان في المطلق أيضًا، وقد أشار ابن الصلاح إلى افتراقهما فيما إذا كان المنفرد به من مكة (٢) أكثر من واحد، فإنه حينئذ يكون فردًا لا غريبًا (٣)، فكل غريب فرد ولا عكس." (٤)


(١) ابن الملقن، التذكرة، ١٧.
(٢) ضرب ذلك كمثال للفرد النسبي بتفرّد أهل بلد بالرواية عن شيخ ونحوه، ومثّل لهم بتفرد أهل مكة.
(٣) فإذا كان المتفرد من أهل البلد واحداً اجتمعت فيه الغرابة والفردية، وإذا كان المتفرّد أكثر من واحد إلا انهم من بلد واحد، فيُعدُّ هذا من الفرد النسبي، ولا يصح إطلاق الغرابة عليه.
(٤) السخاوي، التوضيح الأبهر (الأسرّ)، ٤٨.

<<  <   >  >>